عشت أيام الكتاب وأيام كرة القدم

نشر في 07-01-2025
آخر تحديث 06-01-2025 | 18:54
 د. نجم عبدالكريم

قضيت الأسابيع الماضية بين الأصدقاء والأحباب والأصحاب، في وطني - وطن النهار - الكويت الجميلة، وتصادف أثناء ذلك إقامة معرض الكويت الدولي للكتاب، وبعده بأيام أُقيمت دورة كرة القدم لدول مجلس التعاون، وسوف أسجّل انطباعاتي عن هذين الحدثين، بعد أن عايشتهما، في السطور التالية.

معرض الكتاب يرتاده عشاق القراءة، ومع أنهم يشكِّلون الأقلية، مقارنةً بعشاق كرة القدم، فإن هذه الأقلية تشكِّل الصفوة المتميزة في المجتمع، لأن القراءة تُهذِّب النفوس، وتصقل العقول، وتُغذي الإنسان بالمعرفة، ولا أريد أن أشرح أهمية الكتاب في حياة شعوب العالم الراقي فوق هذا الكوكب، لأنها هي التي تساهم في صنع الحضارات الإنسانية، بما توفره لها القراءة من أسباب الإبداع المستمر.

***

أعلم أن الأغلبية العظمى في الزمن الراهن تتابع مباريات كرة القدم، وأعلم كذلك أن أسعار لاعب كرة القدم بلغت أرقاماً فلكية، ومن الصعب أن يصل إليها أعظم الكتّاب والمفكرين، بل والفلاسفة، مع أن محصلة الحضارة الإنسانية - قديماً وحديثاً - قائمة على أصحاب الفكر والثقافة والأدب ممن تشبَّعوا بالعلوم الإنسانية كنتيجة لقراءاتهم، وليس على أي نوع من أنواع الألعاب الرياضية.

***

نعم، إنه بحُكم التعصُّب لهذا النادي أو ذاك اللاعب، يجد ذلك المتعصِّب متعةً في متابعة المباريات التي يخوضها ناديه أو لاعبه، لكنه يعاني أيضاً عند خسارة ناديه ولاعبيه معاناة قد تصل به إلى حد أن تُصيبه الكآبة، مثلما حدث للكثيرين في نهائيات مباريات كرة القدم لدول مجلس التعاون الأخيرة في الكويت، حيث خرجت الفرق التي كانت الرهانات كبيرة على فوزها من السباق بخُفّي حنين.

***

وهنا أطرح سؤالاً: لقد عرفنا المحصلة النهائية للقراءة، وأثرها في الحضارات الإنسانية، فما المحصّلة النهائية التي يخرج بها المتفرج على مباريات كرة القدم؟!

***

إن الإسراف والإغداق والاهتمام بكرة القدم بهذا الشكل المبالغ فيه من قِبل الجهات الرسمية في العالم، لا يتجاوز حدود إلهاء البشر، كي لا تكون لهم اهتمامات أخرى، حتى أصبحت مباريات كرة القدم كمعالم حضارية تُقام لها دورات دولية تكلّف المليارات من الدولارات، في حين هناك نسبة كبيرة من البشر تعيش الفقر والجوع والأمية في العالم.

back to top