ادّعت واشنطن الشهر الماضي أن روسيا تشتري الأسلحة من كوريا الشمالية وتستعملها في أوكرانيا، وبدأت المزاعم حول تكثيف التعاون العسكري بين هاتين الدولتين الخاضعتَين لعقوبات هائلة تنتشر بعد تسعة أشهر تقريباً على بدء حرب روسيا ضد جارتها الموالية للغرب، وقد أدى هذا الصراع إلى استنزاف مخزونها من القذائف المدفعية، والذخائر، وصواريخ «كروز».

إذا كانت هذه الادعاءات صحيحة، فإن ذلك يعني أن نقل المعدات ينتهك حظر توريد الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على كوريا الشمالية في عام 2016، لكن بيونغ يانغ وموسكو أنكرتا هذه المزاعم، وبعيداً عن ادعاءات المسؤولين الأميركيين، لا يمكن التأكيد على أي معلومة.

Ad

تقول داريا دولزيكوفا، باحثة في «معهد رويال يونايتد للخدمات» في لندن، إن معظم الأسلحة والذخائر التي تملكها بيونغ يانغ مُصمّمة على الطريقة السوفياتية ويسهل أن تستعملها القوات الروسية.

ما من أدلة على استخدام أسلحة من كوريا الشمالية في ساحة المعركة، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أنها غير موجودة في أوكرانيا، فربما تزوّد كوريا الشمالية روسيا بأنواع ذخائر يصعب رصدها مثلاً، ويمكن إخفاء الشحنات إلى روسيا أو نقلها إلى الجبهة سراً برأي المحللين.

يقول دانيال سالزبوري، خبير في تجارة الأسلحة وباحث مرموق في مركز العلوم والدراسات الأمنية في جامعة «كينغز كوليدج لندن»: «استعملت روسيا قاذفات صواريخ» غراد «(BM-21) في أوكرانيا على نطاق واسع، وسبق أن باعت كوريا الشمالية صواريخ من عيار 122 ملم».

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الشهر الماضي، إن روسيا أطلقت أكثر من 4700 صاروخ على مر الصراع، بما في ذلك وابل من الصواريخ المُصممة لتدمير شبكة الطاقة في أوكرانيا، وأدت هذه الحملة على الأرجح إلى استنزاف المخزون الروسي، وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» في الأسبوع الماضي أن روسيا تطلق الآن ذخائر تم تصنيعها في الأشهر القليلة الماضية.

في ظل استمرار حظر الأسلحة والعقوبات المفروضة من الأمم المتحدة على موسكو بعد بدء الغزو في فبراير الماضي، تستعمل كوريا الشمالية وروسيا على الأرجح قنوات سرية لنقل المعدات.

يوضح سالزبوري: «تفضّل الدول أن تبقي أي صفقات أسلحة غير شرعية سرية إذا كانت تنتهك العقوبات بسبب التداعيات القانونية المحتملة، لكني أظن أن البلدَين قلقان من محاولة الأميركيين وسواهم تخريب الشحنات». تتقاسم كوريا الشمالية وروسيا حدوداً ممتدة على 17 كيلومتراً، لكن يعني تراجع التجارة بينهما بسبب جائحة كورونا أن أي عمليات لنقل الأسلحة يسهل رصدها نسبياً إذا وصلت الشحنات إلى روسيا مباشرةً عبر القطارات أو الشاحنات.

لهذا السبب، يظن سالزبوري أن شحنات الأسلحة تمرّ على الأرجح ببلد ثالث: «هذه المقاربة ليست غريبة على كوريا الشمالية التي ترسل المعدات دوماً عبر طرقات غير مباشرة لخداع كل من يراقبها».

برأي سام كراني إيفانز، محلل دفاعي في «معهد رويال يونايتد للخدمات» في لندن، قد يشكّل تأمين الأسلحة من دول مثل إيران وكوريا الشمالية حلاً مؤقتاً لموسكو التي تسعى إلى تكثيف إنتاجها الدفاعي المحلي لتلبية الحاجات العسكرية، فهذه الطريقة تسمح لروسيا بمتابعة القتال بالإيقاع نفسه.

يضيف كراني إيفانز: «من الواضح أن روسيا تنافس الغرب الآن في مجال الإنتاج الصناعي، وهي مضطرة لتغيير اقتصادها الدفاعي على هذا الأساس، وتتطلب هذه العملية بعض الوقت»، وفي غضون ذلك، يظن الخبراء أن تلقي الصواريخ والذخائر من كوريا الشمالية يترافق مع مخاطر معينة، إذ من المستبعد أن تتمتع تلك المعدات بجودة عالية.

أخيراً، صرّح ويليام ألبيرك، مدير قسم الحد من التسلح في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، لمجلة «موسكو تايمز»: «لا تملك روسيا أي فكرة عن مستوى ضبط الجودة في كوريا الشمالية، لكنّ الدولة الوحيدة التي تتراجع فيها تدابير ضبط الجودة أكثر من روسيا هي كوريا الشمالية».

* جيمس بيردسوورث