نحن مؤمنون بقضاء الله وقدره، فهو الذي يحيي ويميت... لكن لنا الحق أيضاً أن نفجع ونحزن ونبكي، فالموت غيّب أمس الأول الأخ والصديق والإنسان المثالي الذي لم أرَ في حياتي إنساناً مثله... فهو الصادق الصدوق الذي ليس للكراهية مكان في قلبه... هو صديق الجميع، حتى زوجته وأبناؤه كانوا أصدقاءه أكثر مما هم عائلته فحسب.
أبا خالد... كيف لك أن تؤلمنا وتجرحنا، ونحن أصلاً ثكالى بالأحزان موجوعون بالآلام؟!
لا أدري ماذا أقول وأنا الذي عاصرتك خمسة وعشرين عاماً؟! كنتُ كل يوم أراك أكثر ثباتاً وأشد صدقاً ومثالاً في الأخلاق، وأرى المثالية التي أتمناها في كل الناس.
لم تكن يوماً ممنْ يغريهم الطمع أو يؤنسهم الجشع، لم أرك مغرماً بالمناصب وهي تمر حولك كالماء... لم أرك تكره أحداً، بل رأيتك تحب الجميع، ومسطرتك صادقة بكل ما تحمله العبارة من معانٍ.
إذا كان للإنسانية معنى ورمز فأنت معناها وأنت رمزها.
أبا خالد... كيف استطعت أن تتركنا هكذا بعدك ثكالى مفجوعين؟!
أمَا والذي أحياك ثم أماتك لا أعرف ماذا أقول؟! كنت أشعر أن شيئاً سيحدث في رحلتك الأخيرة للصيد، فحدث أن اصطادك الموت المقدر لتُسلِم روحك إلى بارئها ونتجرع نحن مرارة الفراق وآلام الغياب.
أعزي نفسي وأعزي أم خالد وخالد وليلى وفجحان الذين تركتهم مفطوري القلوب، وأعزي كل الذين يعرفونك ويعرفون كم كنت إنساناً.
أبا خالد: كيف طاوعك قلبك أن تتركنا يتامى دونك، ودون ترديد قصائد المتنبي معاً؟ رحمك الله يا هلال المطيري رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته، وألهمنا الصبر والسلوان... «إنا لله وإنا إليه راجعون».