إلى وزير النفط: الميثانول والهيدروجين والكربون!!
يعدّ ملف دولة الكويت البيئي أحد أهم الأمور التي ينظر لها من خارج الدولة على الصعيد الدولي الأممي والسياسي، لأسباب عدة من أهمها موقع الدولة الجغرافي كدولة غرب-آسيوية نفطية، اقتصادها الريعي «الهيدروكربوني» المعتمد بشكل وحيد على البترول المكرر، وأخيراً وليس آخراً، التزام الدولة بعدد من التعهدات والالتزامات والاتفاقيات الدولية الملزمة عالمياً لا سيما في ما يتصل بالأمم المتحدة، كما يجب علينا أن نستدرك عدداً من الحقائق وتبيان مدى تأثيرها على واقعنا ومستقبلنا القريب، وذلك في ما يتعلق بملف الطاقة والبيئة الكويتية.
نحن ملتزمون بحياد كربوني في القطاع النفطي بحلول عام 2050، وللدولة بقطاعاتها كافة في عام 2060 وإنتاج 15%من الطاقة الكهربائية باستخدام المصادر المتجددة بحلول عام 2030، كما أننا مشاركون في عدد كبير من اتفاقيات للتلوث البيئي ومحاربته وخلافه على كل الصعد والمجالات، إذاً علينا أن نعمل بشكل مضاعف ومتضافر حول تلك المحاور إن أردنا أن نصل إلى بر الأمان البيئي، ونحقق فعلاً أهدافنا والتزاماتنا.
إلى يومنا هذا ونحن لا نفتقر إلى خطة عملية وعلمية وخريطة طريق يكون فحواها إنشائياً وذات أسطر منمقة لا تسمن ولا تغني من جوع فقط، بل إلى خطوات عملية لنزع الكربون والدخول في طيف الهيدروجين كما أسلفنا مراراً وتكراراً عبر مقالاتنا ولسنين طويلة، تلك الخطة العملية لا يكون فحواها خططاً تتبلور حول التقاط الكربون وحبسه فقط، بل تكون ذات شمولية ودقة متناهية في تدشين أسواق هيدروجين وكربون والدخول في الأمونيا الخضراء مع الاعتماد بشكل رئيس على مصادر الطاقة المتجددة لتشغيل كل الآليات والطاقة الممولة لتلك الخطط التشغيلية، وإن أردنا أن نتحدث عن الميزانية لهذا كله فكلنا نعلم أن المادة متوافرة، ولله الحمد، وللتمويل أوجه عدة.
ونحن نصارع ونلتف حول أنفسنا لنتوافق على خطط واضحة معلنة للدولة في ما يتصل بالملف البيئي الكربوني، بدأ العلم يخطو خطوات متسارعة إزاء هذا الملف من خلال البحث والتطوير العلمي، إذ نجح مجموعة من الباحثين العلميين في جامعة مانا (هاواي الأميركية) بالتعاون مع جامعة روما للوصول الى العملية الهندسية (شبه) المثالية في عالم الهندسة الكيميائية، أقول شبه لأنه في النهاية لا شيء دون عيوب والكمال لله سبحانه فقط.
عموماً، يتركز هذا الابتكار الذي نجحت محاكاته في إنتاج كل من الهيدروجين وهو وقود الماضي والمستقبل والناقل الرئيس للطاقة، الميثانول وهي المادة الرئيسة من الكحوليات الكيميائية التي تعدّ لب الصناعات الثقيلة، كل هذا مع التقاط الكربون واحتباسه وتشغيل التصميم بالكامل من خلال الطاقة الشمسية فقط بواسطة خلايا كهروضوئية، حيث يتم تشغيل وحدات إحلال المياه من خلال الطاقة الشمسية في النظام المذكور أعلاه، ومع ضغوط تشغيلية متوسطة حتى تصل الى 3 ميغا باسكال، يمكننا إنتاج الهيدروجين والتقاط ما يفوق 23 طناً من الكربون وإنتاج ما يفوق 11 طناً من الميثانول، وذلك في السنة الواحدة فقط مع تدافع أرباح مالية بداية السنة الخامسة من المشروع، والهدف هنا ليس تسويق هذا الابتكار الأميركي العصري بل توسيع الأفق وفتحه تجاه ما يمكن للعلم أن يقدمه من جانب ومن جانب آخر العمل والتفكير خارج الصندوق لمشاريع ومبادرات من شأنها تعزيز موقف الدولة والمساهمة في رفعتها بيئياً.
ملف نزع الكربون شائك ومعقد، وهذه حقيقة، لكن علينا البدء بالتعامل معه بصورة جادة وصارمة حتى لا تصل السكين الى العظم، ولن ينفعنا حينها أمهر جراح حول العالم، والله من وراء القصد.