أعتقد أن وزارة الشؤون الاجتماعية أو الحكومة، إن كان ما اتُّخذ قرار حكومي من مجلس الوزراء، أعتقد أنهما قد أدتا خدمة، وربما خدمات جليلة، للبلد، بحل وتعطيل أعمال ثلاث عشرة جمعية أهلية.

مع الأسف، الخبر لم يتضمَّن أسماء وماهية تلك الجمعيات، لكن أنا على ثقة أن أغلبها أو ربما كُلها تستحق الحل، ولم تظلم «الشؤون» أحداً في هذا القرار. فمعظم جمعياتنا أُنشئت للوجاهة وبالمعية و«حالنا حالهم»، ولم تنبثق نتيجة جهود وظروف ومتطلبات شعبية أو مهنية ضرورية.

Ad

الأهم من هذا أن الجمعية الأهلية، حسب التسمية، يجب أن تكون وأن تبقى أهلية، بعيداً عن الرعاية أو الوصاية الحكومية.

الجمعية الأهلية تنشأ استجابة لحاجات اجتماعية أو ضرورات مهنية، كأن تمثل نقابياً مهنة، أو ترعى شؤون جماعات عاملة، أو أن تغطي جوانب اقتصادية أو ثقافية ليست من اهتمام الحكومة، أو تلك التي لا تستطيع الحكومة تلمُّس واقعها والتعرُّف على قضاياها ومشاكلها.

جمعيات النفع العام عندنا أغلبها أُنشئت للمتعة والترف، «وين ما يروحون... وياهم»، ولم توجد لضرورات اجتماعية أو سياسية، وهي جمعيات بالأصح «حكومية»، وليست أهلية، تموِّلها الحكومة وتتكفل باحتياجاتها المالية.

ويمكن القول إن الحكومات السابقة استخدمت الجمعيات الأهلية لخدمة مصالحها، وتنفيذ سياساتها، فرعت ودعمت مَنْ يسير في ركابها، ومَنْ يغض الطرف عن أخطائها، في الوقت الذي حاربت بشدة مَنْ يخالفها، كحل نادي الاستقلال، الذي تم حله لمواقفه المعارضة للسُّلطة، في الوقت الذي قدَّمت الحكومة الدعم المالي والسياسي لجمعية الإصلاح الاجتماعي، امتناناً لموقف الإخوان المسلمين الداعم لها.

ولعل أفضل دليل على ذلك، هو المواقف من الاتحاد الوطني لطلبة الكويت. فقد حاربته الحكومة بشدة عندما كان تحت هيمنة القوميين، ثم اعترفت به وأغدقت عليه الهبات والعطايا بعد أن سيطر عليه الإخوان المسلمون.

جمعيات النفع العام يجب أن تبقى أهلية، بعيدة عن دعم الحكومة، وبعيدة أيضاً عن سُلطتها، أي أن إنشاء أو تكوين الجمعيات حسب المادة 43 من الدستور مكفول للمواطنين، وليس من المفروض أن تخضع لهيمنة أو وصاية أو حتى موافقة الحكومة.