سورية: توجه أوروبي لرفع مشروط للعقوبات... ومساعدة خليجية بالرواتب

الزياني يؤكد للشرع دعم دمشق... وبزشكيان يعرب عن هواجس أمنية مشتركة مع بغداد

نشر في 08-01-2025
آخر تحديث 08-01-2025 | 20:00
الشرع مستقبلاً الزياني في قصر الشعب بدمشق أمس (إكس)
الشرع مستقبلاً الزياني في قصر الشعب بدمشق أمس (إكس)

في وقت تستعجل الإدارة السورية الجديدة التي تقودها هيئة «تحرير الشام» إعادة تشكيل علاقات بلدها العربية والدولية، ورفع القيود الاقتصادية التي فرضت على النظام السابق، بهدف تحسين الأوضاع المعيشية، وضع وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، جملة من الشروط لإلغاء العقوبات المفروضة على دمشق، لكنه أشار إلى أن «الاتحاد الأوروبي» قد يقوم سريعاً بإلغاء عقوبات تعوق تسليم المساعدات الإنسانية وتعافي البلاد، على غرار ما قامت به الولايات المتحدة أخيراً.

وقال بارو إن بعض العقوبات «قد ترفع سريعا»، لافتا إلى أن «ثمة عقوبات مفروضة على بشار الأسد وجلادي نظامه، هذه العقوبات بطبيعة الحال لن ترفع».

وتابع: «ثمة عقوبات أخرى هي موضع نقاش مع شركائنا الأوروبيين التي قد ترفع، لكن وفقاً للوتيرة التي تأخذ توقعاتنا الأمنية حول سورية في الحسبان».

وأوضح بارو: «طلبنا أن تتمثل في المرحلة الانتقالية السياسية كل أطياف المجتمع السوري ولاسيما النساء. واطلعت على إعلان أن اللجنة المشكلة للحوار الوطني ستضم نساء، وكان هذا طلب صريح من جانبنا، وقد تمت تلبيته».

ومضى يقول: «آمل أن تنجح سورية. هذا الرهان الأساسي في الحوار الوطني الذي سينطلق».

وجاء حديث الوزير الفرنسي في حين ذكرت مصادر بوزارة الخارجية الألمانية أن برلين تقود مباحثات داخل الاتحاد الأوروبي من أجل تخفيف العقوبات التي فرضت على سورية خلال حكم الأسد، ومساعدة الشعب السوري.

وذكرت صحيفة «فاينانشال تايمز» نقلا عن شخصين مطلعين أن مسؤولين ألمانا وزعوا وثيقتين مقترحتين بين عواصم الاتحاد قبل فترة وجيزة من عيد الميلاد تحددان اقتراحات بشأن القطاعات الرئيسية التي يمكن فيها تخفيف العقوبات التي يفرضها التكتل الأوروبي على دمشق.

وأضافت أن الوثيقتين تحددان كيف يمكن للاتحاد تخفيف القيود تدريجياً على دمشق في مقابل إحراز تقدم في القضايا الاجتماعية، بما في ذلك حماية حقوق الأقليات والنساء، والالتزام بالتعهدات بمنع انتشار الأسلحة.

دعم خليجي

في موازاة ذلك، استقبل قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، وفداً من مملكة البحرين برئاسة وزير الخارجية عبداللطيف الزياني، غداة اختتام وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني جولة إقليمية استهلها من السعودية ثم قطر والإمارات والأردن، حيث حمل معه رسائل سياسية واقتصادية وأمنية تعكس طموح القيادة الجديدة لتجاوز العقوبات والانفتاح على المحيط العربي والخليجي بعد الإطاحة بنظام البعث.

وأكد الزياني عقب لقاء الشرع أن المنامة حريصة على استقلال سورية ووحدة أراضيها واستعادة دورها على الصعيدين العربي والدولي، معربا عن استعداد بلده لتوسيع آفاق التعاون المشترك مع سورية في جميع المجالات، وتأييدها لرفع العقوبات المفروضة على دمشق.

في السياق، قال دبلوماسي كبير ومسؤول من الولايات المتحدة إن قطر تعتزم المساعدة في تمويل زيادة كبيرة في أجور موظفي القطاع العام في سورية تعهدت بها الإدارة الجديدة بعد تعليق واشنطن لعقوباتها جزئيا لمدة 6 أشهر.

وقال مسؤول عربي إن المحادثات جارية بشأن تمويل قطر لرواتب موظفي الحكومة السورية، لكن لم يتم التوصل لشيء بعد، مضيفاً أن دولاً أخرى منها السعودية قد تشارك في جهود مساندة تحسين معيشة السوريين.

وقال مسؤول سعودي لـ»رويترز» إن المملكة ملتزمة بالعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين للمساعدة في دعم دمشق، وإن دعمها الحالي «يركز على المساعدات الإنسانية ومنها المواد الغذائية، وأماكن الإيواء والإمدادات الطبية».

طهران وبغداد

من جانب آخر، أشار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال استقباله رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في طهران، إلى أن كلا البلدين لديهما «هواجس» بشأن التطورات في دمشق، بينها الاستقرار وخطر عودة «داعش» ونشاطات الجماعات الإرهابية. ورأى بزشكيان أنه من الضرورة «خروج الكيان الصهيوني، وانسحابه من المناطق المحتلة بسورية، والاهتمام بالمشاعر الدينية والعتبات المقدسة». من جهته، شدد السوداني على أن استقرار سورية هو مفتاح استقرار المنطقة، وأعرب عن دعمه لحل سياسي «يحفظ سيادة سورية ووحدة أراضيها، ويضع حداً للتدخلات الخارجية التي تضر بمصالح الشعب السوري».

وأعرب عن استعداد بلاده «للتعاون مع جميع الأطراف لتعزيز الاستقرار في سورية، والمساهمة في تحقيق انتقال سلمي سلس لنظام يعكس إراداة الشعب السوري بكل تنوعاته وأطيافه، وفي عملية إعادة الإعمار وضمان عودة اللاجئين».

تهديد وتوغل

في غضون ذلك، هددت تركيا بإطلاق عملية عسكرية ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية في شمال سورية، ما لم توافق على شروط أنقرة من أجل مرحلة انتقالية «غير دموية» بعد سيطرة الفصائل المدعومة من قبلها على دمشق.

وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان «سنفعل اللازم بعملية عسكرية» ما لم تستجب الفصائل الكردية، التي تخوض قتالا ضاريا ضد «الجيش السوري الوطني» في شمال حلب حالياً.

من جهة ثانية، توغل جيش الاحتلال الإسرائيلي برتل من الدبابات في بلدتي العشة، وأبوغارة، وفي مزرعة الحيران بريف القنيطرة الجنوبي.

مؤتمر وسمعة

على صعيد آخر، كشف وزير المالية في الحكومة المؤقتة محمد أبازيد أن إجمالي الرواتب الشهرية بما يشمل الزيادة التي وعدت به الحكومة المؤقتة يبلغ نحو 120 مليون دولار، مع وجود أكثر من 1.25 مليون موظف على جداول رواتب القطاع العام.

وتحدث أبازيد عن تحديات اقتصادية كبيرة تواجهها الحكومة التي «لا تملك عصا سحرية لحل مشكلات البلاد».

واتهم النظام السابق بالتعامل بالفساد والمحسوبية في تعيين الموظفين، مؤكدا أن الواقع يشير إلى وجود نحو 900 ألف موظف بعضهم كان مسجلا على الورق فقط لأخذ الراتب دون عمل، وأن هناك 300 ألف موظف ستشطب أسماؤهم. وبعد يوم من إعلان وزير الخارجية السوري تأجيل مؤتمر الحوار الوطني إلى موعد يحدد لاحقاً، توقعت مصادر أن يعقد الاجتماع الجامع في فبراير المقبل، فيما دعت شخصيات سورية إلى إصدار مؤقت يملأ الفراغ الدستوري الذي تعاني منه البلاد بعد تجميد العمل بدستور 2012 إثر سقوط الأسد. في موازاة ذلك، تعهد وزير الدفاع السوري مرهف أبوقصرة بـ»العمل على إعادة الجيش لهدفه الأساسي حامياً للديار وبتقليل الفجوة بين الجيش والشعب».

وقال أبوقصرة خلال جلسة مع فصائل مسلحة ضمن جهود توحيد المؤسسة العسكرية وانخراطها بوزارة الدفاع: «لقد اكسب النظام البائد الجيش سمعةً سيئة، وأصبح اسمه مدعاةً للخوف والوجل من الشعب».

وبينما يشكل الفراغ الأمني إلى جانب الاشتباكات العسكرية بين الفصائل بيئة مثالية لتنظيم «داعش» لاستعادة نشاطه وترتيب صفوفه، ذكر «المرصد السوري» لحقوق الإنسان أنه منذ سقوط النظام قتل 131 مواطنا في 67 جريمة في اللاذقية، وطرطوس بالساحل، وحمص، وحماة، داعيا إدارة العمليات العسكرية الجديدة إلى التصدي للجرائم التي تؤثر على السلم الأهلي فوراً، ومنع انتشار الذعر بين صفوف المدنيين.

back to top