ترامب لا يستبعد السيطرة بالقوة على غرينلاند وقناة بنما

استعرض أجندة للسياسة الخارجية تقوم على القوة العسكرية والإكراه الاقتصادي

نشر في 09-01-2025
آخر تحديث 08-01-2025 | 20:04
ترامب خلال مؤتمره الصحافي بمقره في مارلاغو بفلوريدا أمس الأول (رويترز)
ترامب خلال مؤتمره الصحافي بمقره في مارلاغو بفلوريدا أمس الأول (رويترز)
قبل أقل من أسبوعين من تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة لوّح دونالد ترامب باستخدام القوة العسكرية للسيطرة على إقليم غرينلاند القطبي وقناة بنما والإكراه الاقتصادي لضم كندا مانحاً النصف الغربي من الكرة الأرضية مساحة كبيرة من أجندته الخارجية.

«عاد ترامب وعادت الفوضى!»، هكذا عنونت صحيفة نيويورك تايمز، تعليقًا على المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، أمس الأول، في مقره بفلوريدا، حيث عرض فيه أجندة سياسته الخارجية، قبل أقل من أسبوعين على تنصيبه رسمياً.

ولم يستبعد ترامب في المؤتمر الصحافي استخدام القوة العسكرية للسيطرة على قناة بنما وإقليم غرينلاند القطبي، بينما هدّد كندا بفرض تعريفات جمركية قاسية، مما سيجعلها «تستسلم للضمّ».

وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال»، إن الرئيس المنتخب استعرض «هوسه بفكرة حديثة لإعادة إحياء مفهوم قديم» يتمثل في السيطرة على غرينلاند وكندا وقناة بنما، وتحويل النفوذ الأميركي من الشرق الأوسط إلى النصف الغربي من الكرة الأرضية في مواجهة الصين وروسيا. وأضافت أن أجندة السياسة الخارجية لولاية ترامب الثانية تقوم على «الإكراه الاقتصادي والقوة العسكرية الأحادية، بدلاً من التحالفات العالمية والتجارة الحرة، حتى لو كان ذلك ضد الحلفاء».

في هذا الصدد، ذكرت شبكة «سي.إن.إن»، أن ترامب يدرس إعلان حالة طوارئ اقتصادية وطنية لتوفير مبرر قانوني لفرض مجموعة كبيرة من الرسوم الجمركية الشاملة على الحلفاء والخصوم.

وتمثل السيطرة على غرينلاند وكندا وقناة بنما بـ «القوة العسكرية أو الاقتصادية» خروجاً جذرياً عن عقود من السياسة الخارجية الأميركية. وتستند دعوة ترامب لإعادة توجيه السياسة الخارجية إلى خليط من القناعات القديمة والمتناقضة، مثل أن الحلفاء المقربين يعاملون الولايات المتحدة بشكل غير عادل، وأن أميركا تنازلت عن قناة بنما دون مقابل، وأن الصين تتوسع في ما يجب أن يكون مجال النفوذ الأميركي في النصف الغربي من الكرة الأرضية.

وعرض ترامب أيضاً إعادة تسمية خليج المكسيك ليصبح «خليج أميركا»، وطالب أعضاء الناتو بإنفاق 5 بالمئة من إجمالي ناتجهم المحلي على الدفاع، وهو مستوى لا تلتزم به حتى الولايات المتحدة. لكن تعليقاته أثارت قلق المراقبين، حيث قال تشاك هيغل، السيناتور الجمهوري السابق ووزير الدفاع في إدارة باراك أوباما: «لم نرَ شيئًا كهذا من قبل... هذا الأمر استبدادي جداً، ولهذا السبب فإن ما يقوله ترامب والطريقة التي يتصرف بها مقلقة جداً». غير أن بعض مستشاري ترامب قللوا من وقع تصريحاته واستفزازاته، معتبرين أنها ليست بعيدة عن التفكير السائد في السياسة الخارجية، بحسب ألكسندر غراي، الذي عمل كرئيس أركان مجلس الأمن القومي في ولاية ترامب الأولى. وأشار إلى أن «ما يحاول ترامب القيام به هو إعادة إحياء التركيز على الحدود الخارجية لنصف الأرض الغربي والدفاع عنها ضد المنافسين العظماء».

وأوضح آخرون أن تهديد ترامب بضمّ كندا هو مجرد تبجح لكسب النفوذ قبل المفاوضات التجارية مع أوتاوا، وأن رغبته في استعادة قناة بنما هي مناورة للحصول على أسعار أقل للسفن الأميركية التي تعبرها، بينما تركز اهتمامه على غرينلاند من أجل المعادن النادرة ومنع وصول الصين إليها.

ويقر بعض مستشاري ترامب بأن شراء غرينلاند غير مرجح، لكنهم يرون أن توسيع الحضور الأميركي في الجزيرة من خلال الاستثمارات الاقتصادية وزيادة الوجود العسكري هو احتمال ممكن، لا سيما في ظلّ معاهدة قديمة بين الدنمارك والولايات المتحدة تمنح البنتاغون حق الوصول إلى قاعدة في القطب الشمالي.

ويهتم ترامب بتوسيع هذا الوجود الأميركي لمواجهة النفوذ المتزايد للصين وروسيا في القطب الشمالي. ويعتقد أن واشنطن يمكن أن تتفاوض على علاقة مماثلة لتلك التي تتمتع بها الدول الجزرية الصغيرة في المحيط الهادئ، والمعروفة باسم «اتفاقية ارتباط حر»، الذي سيسمح لواشنطن بالتفاوض على توسيع علاقاتها الاقتصادية والعسكرية دون أن تتنازل الدنمارك عن السيادة.

أما قناة بنما، فيعيد اهتمام ترامب بها إلى الأذهان التركيز التقليدي للجمهوريين على نصف الأرض الغربي في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات. ويعتقد العديد من المحافظين أن هذا التركيز قد تم التخلي عنه عندما وسّعت الولايات المتحدة دورها في الشرق الأوسط.

وتُدار القناة حاليًا من قبل حكومة بنما، لكن اثنين من موانئها تديرهما منذ فترة طويلة شركة مقرها هونغ كونغ، وهو ترتيب يصفه ترامب بأنه غير مقبول، مؤكدًا أن «قناة بنما بُنيت لجيشنا. لقد أعطينا قناة بنما لبنما، لم نعطها للصين». وأضاف: «لقد أساؤوا استخدام هذه الهدية».

ويستكشف مستشارو ترامب حاليًا أفكارًا لإغراء بنما بإعادة السيطرة على القناة، وفقًا لأشخاص مقربين من الرئيس المنتخب، بما في ذلك إدراج بنما في صفقات تجارية قائمة واستثمارات أميركية في البلاد.

وبخصوص كندا، أكد ترامب أن «القوة الاقتصادية» ستقود في النهاية 40 مليون كندي وما يقرب من أربعة ملايين ميل مربع إلى أن تصبح الولاية الـ51 للولايات المتحدة. وهو ما لم يرفضه رئيس الوزراء الكندي المنتهية ولايته جاستن ترودو بشكل قاطع فقط، بل الشعب الكندي أيضًا. حيث أظهر استطلاع أجرته مؤسسة ليجر في ديسمبر أن 13 بالمئة فقط من الكنديين يرغبون في الانضمام للولايات المتحدة، مقابل معارضة 82 بالمئة. فضلًا عن أن تعديل الدستور الكندي للانضمام إلى الولايات المتحدة يتطلب موافقة بالإجماع من مجلسي الشيوخ والعموم الكنديين والمجالس التشريعية الإقليمية.

ويعترف المستشارون المقربون من ترامب بأن ضمّ كندا أمر غير محتمل، ويربطون تصريحات ترامب وأسلوبه العدواني في التفاوض، خاصة في هذا الوقت، بالتحول السياسي في كندا، حيث يسعى إلى وضع رئيس الوزراء الجديد في حالة انتباه.

وبعد استقالة ترودو، من المتوقع أن يصبح زعيم حزب المحافظين الكندي بيير بوليفر، الذي تصفه تقارير بأنه «ترامب الصغير»، رئيس وزراء كندا القادم خاصة أنه يتقدم في الاستطلاعات منذ سنتين، ووعد مواطنيه «بإعادتهم السيطرة على حياتهم... لجعل كندا الدولة الأكثر حرية في العالم». وتعهد بإلغاء ضريبة الكربون ومكافحة الجريمة «في تحول واضح نحو اليمين»، بحسب دانييل بيلاند، مدير معهد الدراسات الكندية في جامعة ماكغيل.

back to top