مرافعة: دعاوى الخبراء والجلسات عن بُعد
بينما يقرر قانون المرافعات للمتقاضين الحق في رفع دعاوى ندب الخبرة بصفة مستعجلة لإثبات حالة معينة بتقرير وبحكم قضائي يكشف الواقع العملي الصعوبات العملية نحو تحقيق ذلك الأمر على نحو سريع ومستعجل.
وإجراءات رفع الدعاوى اليوم تتم على نحو تقليدي، حيث يتطلب إعدادها وتقديمها أمام موظفي الجدول، ليتم بعد ذلك نقلها إلى قسم الإعلان لإتمام عملية إعلان الخصم إلكترونياً إن كان المطلوب إعلانه فرداً، وإعلاناً تقليدياً إن كان المطلوب إعلانه شركة أو كياناً تجارياً لعدم إمكانية الإعلان الإلكتروني للشركات، ثم يتطلب الأمر المثول أمام المحكمة التي يستغرق أمر الوصول إلى موعدها نحو شهر تقريباً، وبعدها يصدر القاضي المستعجل حكماً بإحالتها إلى الخبرة لتقوم الأخيرة وبعد أسبوعين بتحديد جلسة للمثول أمامها، وتقرر في حينها تحديد موعد للانتقال، على الأقل خلال أسبوعين كذلك، وبعد الانتقال يتم منح جلسة للتعقيب على المعاينة، ثم يصدر الخبير تقريره ويرفعه إلى المحكمة لتصدر الأخيرة حكمها بإثبات حالة بصفة مستعجلة!
تلك الإجراءات التي استغرقت كتابة أسطرها العديد من الكلمات وعلى نحو مختصر تستغرق عملية إنجاز صدور الحكم فيها ما لا يقل عن أربعة أشهر كحد أدنى، تبدأ من موعد رفعها إلى الحصول على حكم فيها، وقد تستغرق أكثر من ذلك بما يعني أن الحق المطلوب إثباته من إدارة الخبراء قد يزول، ويضيع ويتلف، وتكون تلك الدعوى التي أراد لها المشرع في قانون المرافعات الاستعجال أصبحت عبثاً على رافعها، وهماً ثقيلاً عليه سيؤدي به إلى إثبات فشله في تقرير حقه الذي قد يزول ويضيع خلال أيام عدة، ولذلك من الأولى أن تعهد وزارة العدل، ممثلة في وزيرها المستشار ناصر السميط، ومجلس القضاء ممثلاً برئيسه المستشار د. عادل بورسلي، وبرئيس المحكمة الكلية المستشار عبداللطيف الثنيان، التفكير في إسناد أمر المعاينة في دعاوى ندب الخبرة بصفة مستعجلة إلى مراكز الشرطة، مقابل رسم تتقاضاه وزارة الداخلية لإتمام تلك الخدمة، وذلك من خلال موظفين منتدبين من الوزارة، أو أن يتم إنشاء قسم في إدارة الخبراء لنظر طلبات إثبات الحالة، على أن يتم انتقال السادة الخبراء للمعاينة في خلال 3 أيام من وقت إيداع الطلب بعد سداد الرسم المقرر، بهدف إصدار تقرير يسلم إلى طالب الحالة، وتودع نسخة منه بإدارة الخبراء.
والسبب في ذلك الأمر هو التخفيف عن المحاكم وإدارة الخبراء من دورة رفع الدعاوى القضائية وتداولها رغم أن الأمر لا يستدعي سوى القيام بإثباث حالة فقط، وهو ما يتعين معه إسناد تلك المهام إلى موظفين مختصين عرف عنهم الحيادية للقيام بهذا الواجب، وهذا الإثبات يسمح للطرفين بإثبات ما يريدون تثبيته في تلك الحالة.
واختيار مراكز الشرطة يأتي لكونها موجودة في كل المناطق السكنية والمحافظات، ولا يمنع أن يتم اختيار موظفين مدنيين من الوزارة للقيام بهذا الدور بعد حصولهم على دورة من معهد القضاء بذلك من قبل بعض السادة الخبراء ورجال القضاء، كما لا يمنع الأمر قيام السادة الخبراء بهذا الدور، شريطة أن يكون إجراؤهم لإتمام المعاينة سريعاً.
الأمر الآخر الذي أتمنى القيام به من قبل الوزير السميط، ومن إدارة الخبراء، هو إجراء الجلسات الخاصة بالخبراء إلكترونياً وعن بعد، لاسيما أن قانون الخبراء والمرافعات الحالي لا يمنع إتمام إجراء الجلسات عن بعد، خاصة أن ما يزيد على 90 في المئة من المتقاضين هم من المحامين والشركات والجهات الحكومية، وفكرة تقبلهم لحضور الجلسات عن بعد يضمن سرعة عقد الجلسات وتخفيف المراجعة على مباني الخبراء المنتشرة في جميع محافظات البلاد.