رياح وأوتاد: كيف تثبت الحكومة قبولها بالرأي الآخر؟

نشر في 09-01-2025
آخر تحديث 08-01-2025 | 20:17
 أحمد يعقوب باقر

من الأفضل للحكومة إذا ما أرادت أن تنفي الاتهام الموجه إليها بتكميم الأفواه وعدم القبول بالرأي الآخر، أن تواجه هذا الاتهام بشكل عملي وملموس، فمثلاً، ما الذي يمنع أن تقيم بنفسها حوارات ومناظرات تستضيف فيها من يمثل الرأي المخالف للحكومة في برامج تلفزيونية، حيث يقوم ممثل الحكومة بشرح قراراتها المستندة إلى الدستور والقوانين والمصلحة العامة والمدعومة بالأرقام والبيانات والوقائع التي دفعتها إلى اتخاذ تلك القرارات، وفي نفس الوقت يقوم صاحب الرأي الآخر بشرح رأيه وبيان حججه وأسانيده القانونية بالطرح المتزن المقنع دون الإخلال بالضوابط المشروعة.

هذه المواجهة ستبين (وقد تثبت) قوة ورأي وموقف الحكومة، إضافة إلى قبولها بالرأي المعارض إذا كان معتدلاً، وكذلك ستعطي درساً في أسلوب الحوار العلمي والأخلاقي لكل من يستخدم ألفاظاً مسيئة أو غير مقبولة في وسائل التواصل أو غيرها، وستثبت أنها ضد التجاوز على القانون، لا ضد الرأي الآخر المعتدل والمتجرد.

لقد كنت دوماً ضد الإساءة والكذب والإشاعات في الإعلام، وطالبت مراراً بكشف وعقاب الحسابات الوهمية المسيئة، وبذلت جهوداً في التصدي للنواب الذين قدموا اقتراحات لتغيير قانون المطبوعات والنشر وقانون المرئي والمسموع، ورفضت بشدة أي تغيير للمواد الخاصة بذات أمير البلاد والأنبياء والصحابة وكرامات الناس والسلطة القضائية والعملة الوطنية، لذلك فإن على المشاركين في أي برنامج حواري أن يلتزموا بالقانون وإلا عرّضوا أنفسهم للمساءلة القانونية، وبالتالي فليس هناك أي تخوف من صدور ألفاظ غير لائقة أو مسيئة في هذه الحوارات، بل إنها ستكون فرصة جيدة لتثقيف الناس بالرأي القانوني المتخصص والحوار الصحي كما كان عليه الحال في الثمانينيات والتسعينيات والسنوات القليلة التي تلتهما قبل وصول الفوضى والغوغائية إلى الإعلام وبعض أعمال مجلس الأمة.

لقد فقدنا برامج الحوارات الجادة والمتوازنة منذ أن توقفت برامج المائدة المستديرة وقضايا وردود و6/6، وغيرها من البرامج الهادفة التي كانت تدرب المشاهدين والشباب على المناقشة الصحية والمعلومات الموثقة، وحل محلها برامج الإسفاف والشتائم في وسائل التواصل والتصريحات غير المسؤولة من بعض أعضاء المجلس، فهل تعيد الحكومة تلك البرامج فتضرب أكثر من عصفور بحجر واحد؟

back to top