بالعربي المشرمح: التافه يتكلم في أمر العامة!

نشر في 10-01-2025
آخر تحديث 09-01-2025 | 17:38
 محمد الرويحل

كثير من الأصدقاء والمحبين والمتابعين تواصلوا معي لسؤالي عن سبب توقفي عن الكتابة، الأمر الذي أوجب علي أن أوضح للجميع أن الساحة الأعلامية باتت ملوثة وبعيدة تماماً عن أهدافها النبيلة، وسيطرت عليها مجموعات لا تفقه أبسط أبجديات الإعلام ليجعلوها مصدرا للارتزاق والكسب المشبوه دون مراعاة للقيم والأخلاق، وما جبلنا عليه كشعوب نعشق الحرية والعدالة، وذلك بسبب صراعات سياسية خلقت لها أبواقاً مرتزقة بصبغة إعلامية.

لا يخفى على الجميع أننا مررنا بفترة كانت من أسوأ الفترات بتاريخنا الحديث، فلم تعد الصحافة منبراً للحقيقة والحرية، ولا الفن أصبح هادفاً ومفيداً، ولا الأدب والشعر يحاكي تاريخنا وتراثنا، حيث أقحمنا في صراعات سياسية عبثية زعماؤها ليسوا برجال دولة ولا يفقهون سوى لغة المال والنفوذ دون أي اعتبار للوطن والمواطنة.

لقد تسيد المشهد السياسي شخصيات خرقاء تبحث عن مصالحها وتحارب من يختلف معها، وكأنه عدو لدود وتسخر كل أدواتها للانتقام منهم دون أن ينظروا إلى مستقبل وطنهم ونتائج سوء سلوكهم عليه وعلى المواطنين، فنشروا الفساد وأنفقوا الأموال كي ينتصروا في معاركهم العبثية دون أن يدركوا أن المنتصر فيها خسران، وأن هذه المعارك ليست إلا عبثا طفوليا المشارك فيها والمتفرج سيجنيان الدمار من نتائجها، وسبق أن حذرنا منها، فمجاميع المرتزقة والأدوات فاقت بأعدادها الجيش العرمرم المدجج بالأسلحة الفتاكة التي لا تقتل البشر بل تقتل قيمهم وأخلاقهم وعاداتهم وتقاليدهم، وتخلق جيلا لا يعرف معنى الوطن والمواطنة والوطنية، ولن يبدع وينجح في أي مجال، ويفكر دائماً في مصلحته الخاصة دون اهتمامه بمصدرها ونتائجها حتى باتت غالبية المهن مصدر ارتزاق، فلا السياسي سياسي، ولا الإعلامي إعلامي، ولا الإسلامي إسلامي، ولا الليبرالي ليبرالي، واختلط الحابل بالنابل دون فكر أو فكرة، ودون إبداع وابتكار، فالمهنة التي تدر أكثر يمتهنها من باع نفسه وكرامته لأصحاب النفوذ والمال، وهو الأمر الذي جعل الكثير ممن لديهم ضمير وقيم نبيلة يبتعدون عن مستنقع الصراع العبثي والخصومات الفاجرة، حتى لا يتلوثوا من هذه البيئة الدخيلة على مجتمعنا.

كيف لنا أن نقول للإعلامي إعلامي ومحتواه فقط التلفيق وتزوير الحقائق، وسب وشتم من لا يتفق مع من يدفع له نظير ذلك؟ وكيف نقول للسياسي سياسي وهو يكرس عمله لخدمة تاجر أو متنفذ؟ هذه الدمامل المعدية التي سيطرت على المشهد السياسي والإعلامي لا يمكن التعامل معها بطريقة مهنية ومفيدة لأنها لا تفقه معنى الوطن ولا تعي ديمومته وازدهاره ما لم تتضافر الجهود لاقتلاعها من أصلها وتوعية المجتمع من الاقتراب منها حتى لا تنشر العدوى.

يعني بالعربي المشرمح:

الدولة بحاجة لرجال دولة في كل المجالات دون استثناء يدركون المصلحة الوطنية، ويعيدون للمجتمع قيمه وثقافته، ويعملون للمصلحة العامة، ويجتهدون لإبعاد المرتزقة والطفيليات عن المشهد العام، ويختلفون برقي دون إقصاء وفجور، أما والحال كما نرى التافه يتكلم في شؤون العامة فحتماً سيكون الرويبضة الحق في تسيد المشهد، وتوجيه المجتمع ونشر الأكاذيب والفتن بين أفراده!

back to top