بدأت قصة البعث في الأربعينيات عندما ولدت فكرة الحزب في سورية على يد ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار عام 1947، وسرعان ما انتشرت الأفكار البعثية بين دول العربية، واستهوتها كثير من الشعوب العربية وشكل مركز قوة في العراق على يد فؤاد الركابي في عام 1951، وسطع نجمه في سورية بعد انقلاب 1963 على يد حافظ الأسد وسليم حاطوم ومحمد عمران وصلاح جديد.

وبعد مرور 21 عاما على الإطاحة بحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق عام 2003، وتبخر وجوده الذي دام أكثر من خمسين عاماً ها هو يهوي الآن للأبد بسقوط ‫آخر قلاعه في سورية‬ التي اعتلى حافظ الأسد عرش الحكم فيها عام 1971 بعد الانقلاب على صلاح جديد ورئيس الجمهورية نور الدين الأتاسي وسجنهما مع العديد من رفاقهما، وذلك فيما يُعرف بالحركة التصحيحية، وفي العراق سيطر البعث على مفاصل الدولة بعدما حل عبدالسلام عارف أول رئيس بعثي عام 1963 قبل أن يطاح به ويعود حزب البعث مرة أخرى عام 1968 بتولي أحمد البكر رئاسة العراق، ثم انقلاب صدام حسين على السلطة واستيلائه على مقاليد الحكم في العراق عام 1979، واستمرت هذا الحال حتى أطاحت أميركا بالبعثيين لتبدأ حقبة جديدة مختلفة عما سبقتها، واستمرت السيرورة السياسية ذاتها حتى بعد تولي بشار الأسد الرئاسة.

Ad

وفي حين كان التفاؤل يسود الأوساط السورية بمستقبل حالم ومزدهر ومتقدم للسوريين تلاشى كل هذا بعدما فتحت قوات النظام النار على المتظاهرين في مدينة درعا في مارس 2011، وقتلت الكثير منهم، وأطلقت حملة اعتقالات واسعة في كل المدن التي ثارت في وجه النظام الظالم، وبدأت حمامات الدم تتدفق في سورية، ودارت الأحداث على مدار 14 عاما، بمعارك ضارية بين المعارضة وقوات الأسد وإيران وروسيا، وارتُكبت أبشع المجازر في التاريخ من قتل وتنكيل وتهجير قسري للمدنيين.

وبعد هدوء نسبي خيم على البلاد انطلق فجأة صوت من شمال سورية ينادي بالحرية، واستؤنفت الثورة من جديد، وهي عملية «ردع العدوان» لأكبر تنظيم ثوري مسلح يضم فصائل وجماعات مختلفة تحت قيادة هيئة تحرير الشام بزعامة أحمد الشرع، وبدأ الزحف باتجاه حلب وحمص وحماة ثم العاصمة دمشق، وسقطت المدن بأيديهم بدون أي مقاومة تذكر لقوات الأسد، وسقط معها إرث عائلة الأسد الذي استمر 54 عاما، وانتهت قصة حزب البعث للأبد.