من صيد الخاطر: كفانا الله شر الغيبة والنميمة

نشر في 10-01-2025
آخر تحديث 09-01-2025 | 20:28
 طلال عبدالكريم العرب

ذكر الله تعالى النمَّامَ في قرآنه الكريم، فقال: «وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ، هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ». آية كريمة وصف فيها الله تعالى النمَّام بأنه همَّاز مشَّاء بنميم. وقال سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، فيه: «لا يدخل الجنة نمَّام»، وقال: «رأيت، حين أُسري بي، رجالاً لهم أظفار من نحاس، يخمشون بها وجوههم، وصدورهم، فقلت: مَنْ هؤلاء؟ فقال: هؤلاء هم النمَّامون».

وقد جاء التحذير من النميمة، ومن عواقبها، لأنها تدمِّر الثقة بين الناس، وتؤدي إلى الخلافات والمشاكل، ونشر الكراهية والبغضاء بينهم، لهذا كان عقاب النميمة مُشدَّداً على صاحبها في الدنيا، بخسارته مَنْ حوله، وفقدان ثقة الناس به، فيعيش في عُزلة بسبب نميمته الدنيئة. أما عقاب الآخرة، فهو بانتظاره، ولا فرار منه.

وقد جاء رجل لخالد بن الوليد، فقال له: «إن فلاناً شتمك»، فقال: «تلك صحيفته، فليملأها بما شاء». وقال رجل لوهب بن منبه: «إن فلاناً شتمك»، فرد قائلاً: «أما وجد الشيطان رسولاً غيرك؟». وقال أحدهم لرجل: «إن فلاناً شتمك»، فرد: «هو رماني بسهم ولم يُصبني، فلماذا حملت السهم وغرسته في قلبي؟».

وجاء رجل إلى الإمام الشافعي، فقال له: «فلان يذكرك بسوء»، فأجابه: «إذا صدقت فأنت نمَّام، وإذا كذبت فأنت فاسق»، فخجل وانصرف.

وكما أن هناك نميمة، فهناك أيضاً الغيبة، ورغم أن كلتيهما من الأمور المذمومة، ومن الذنوب الكبيرة، فإن هناك فرقاً بينهما، فالغيبة هي ذكر عيوب الناس في غيبتهم بما يكرهون، بهدف الإساءة إلى سُمعتهم. أما النميمة، فهي نقل الكلام وإيصاله للغير بطريقة مُشوَّهة أو مبالغ فيها، لتثار الفتنة بين الناس، فكلتاهما عواقبها بين الناس وخيمة ومؤذية للمجتمع.

وقد نهى الله تعالى عن الغيبة في كتابه، بقوله: «وَلَا يَغْتَب بعْضُكُم بَعْضًا، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ».

أما رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فعرَّف الغيبة بقوله: «أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته».

حفظنا الله وإياكم من القيل والقال، فنحن نقول كما قال رسول الأمة عندما خرج: «ألا لا يبلغَنَّ أحدٌ مِنكم عن أحدٍ من أصحابي شيئاً، فإني أحبُّ أن أخرجَ إليهم وأنا سليم الصدر»، أي ألا يذكرهم بسوء، فليكفنا الله شرور النمَّامين وأقاويلهم، وحمانا من غيبة الفاسقين.

back to top