مظلة دولية لسورية في مؤتمر الرياض
توافق على زيادة الدعم ومطالبات عربية برفع العقوبات وترحيب بخطوات الإدارة السورية
• بن فرحان: لا مكان للإرهاب في سورية ولا خرق لسيادتها أو اعتداء على أراضيها
منح المؤتمر الذي عقد في العاصمة السعودية الرياض، أمس، ما يشبه المظلة الدولية لسورية، حيث شارك وزير خارجية الإدارة السورية المؤقتة أسعد الشيباني للمرة الأولى في تجمع عربي - دولي واسع، بحث سبل مساعدة سورية لتحقيق انتقال آمن للسلطة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وطي مرحلة الحرب التي عاشتها البلاد، وبناء دولة سوريّة تحقق الأمن والتنمية لمواطنيها وتساهم في الاستقرار الإقليمي.
وترأس وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الاجتماع، بحضور وزير خارجية الكويت عبدالله اليحيا، ووزراء خارجية قطر والإمارات وسلطنة عمان والبحرين والأردن ولبنان والعراق ومصر وتركيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، في حين تمثلت الولايات المتحدة بوكيل وزارة الخارجية جون باس.
وشارك كذلك في الاجتماع المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون، والمفوض الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي. وتخلل المؤتمر اجتماع للجنة الاتصال العربية المعنية بالشأن السوري.
وناقش المؤتمر الخطوات التي يجب اتخاذها لضمان الاستقرار والأمن في سورية، امتداداً للمحادثات حول سورية ما بعد الأسد التي عقدت في 14 ديسمبر الماضي في العقبة بالأردن، وذلك بهدف تقديم العون لسورية في هذه المرحلة من خلال دعم العملية السياسية لمرحلة انتقالية سورية - سورية جامعة لكل الأطياف التي تمثل القوى السياسية والاجتماعية في البلاد، وكذلك التضامن مع الدولة في الحفاظ على وحدتها وسيادتها وسلامة أراضيها ومواطنيها.
وأكد البديوي أن دول مجلس التعاون تؤكد دعم سورية على كل الصعد، وفي مقدمتها تحسين الظروف المعيشية والإنسانية للسوريين، وتسهيل عودة المهجرين واللاجئين إلى ديارهم، ودعم عودة الاستقرار السياسي والأمني، والتعافي الاقتصادي، والتنموي، مشدداً على دعم رفع العقوبات الدولية المفروضة على سورية، وعلى ضرورة انسحاب إسرائيل من كل الأراضي السورية.
وفي مؤتمر صحافي ختامي، أكد بن فرحان أهمية تقديم الدعم لتهيئة البيئة المناسبة لعودة اللاجئين السوريين واستعادة الاستقرار بدمشق، وشدد على «أولوية المحافظة على مؤسسات الدولة السورية ورفع العقوبات الأحادية والأممية عنها»، مضيفاً أن «مستقبل سورية هو شأن السوريين».
وبينما رحب الوزير السعودي بـ «الخطوات التي اتخذتها الإدارة السورية الجديدة» دعا إلى «الاستمرار في تقديم أوجه الدعم لسورية»، مؤكداً أهمية ألا تكون سورية مصدراً للتهديدات بالمنطقة.
وشدد بن فرحان في بيان صادر عن رئاسة اجتماعات الرياض على أنه «لا مكان للإرهاب في سورية ولا خرق لسيادتها أو اعتداء على أراضيها».
في المقابل، أشار وزير خارجية الإمارات عبدالله بن زايد إلى «ضرورة أن تكون سورية مستقرة وآمنة لا إرهابَ ولا إقصاء فيها»، في وقت دعا وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي إلى تكاتف المجتمع الدولي للحيلولة دون أن «تكون سورية مصدراً لتهديد الاستقرار في المنطقة أو مركزاً للجماعات الإرهابية»، مشدداً على ضرورة «عدم إيواء أي عناصر إرهابية على الأراضي السورية».
وحث عبدالعاطي على تبني «عملية سياسية شاملة بملكية سورية خالصة تعكس التنوع المجتمعي والديني والطائفي والعرقي داخل سورية، ودون إقصاء لأي قوى أو أطراف سياسية واجتماعية».
وأبدى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان استعداد بلاده للقيام بأي دور لتسهيل «الطريق الصعب» أمام الشعب السوري، داعياً إلى «إنشاء آلية أو لجان تنسيقية لجعل الجهود أكثر فعالية مع تحديد القطاعات التي تحظى بأولوية للحصول على إعفاءات أكبر من العقوبات».
في المقابل، أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي أن وزراء خارجية التكتل سيناقشون رفع العقوبات عن سورية في اجتماع أواخر يناير الجاري، في حين تحدثت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، عن اعتماد «نهج ذكي للعقوبات حتى يحصل السوريون سريعاً على الإغاثة وثمار انتقال السلطة»، مشددة على ضرورة إبقاء العقوبات على مسؤولي نظام الأسد.
وجاء في البيان الختامي الصادر عن رئاسة اجتماعات الرياض بشأن سورية أنه «جرى خلال الاجتماع بحث خطوات دعم الشعب السوري الشقيق وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة المهمة من تاريخه، ومساعدته في إعادة بناء سورية دولة عربية موحدة، مستقلة آمنة لكل مواطنيها، لا مكان فيها للإرهاب، ولا خرق لسيادتها أو اعتداء على وحدة أراضيها من أي جهة كانت».
وتابع: «كما بحث المجتمعون دعمهم لعملية انتقالية سياسية سورية تتمثل فيها القوى السياسية والاجتماعية السورية تحفظ حقوق جميع السوريين وبمشاركة مختلف مكونات الشعب السوري، والعمل على معالجة أي تحديات أو مصادر للقلق لدى مختلف الأطراف عبر الحوار وتقديم الدعم والنصح والمشورة بما يحترم استقلال سورية وسيادتها، أخذاً بعين الاعتبار أن مستقبل سورية هو شأن السوريين، مؤكدين وقوفهم إلى جانب خيارات الشعب السوري، واحترام إرادته».
وذكر البيان: «كما عبّر المجتمعون عن قلقهم بشأن توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سورية والمواقع المجاورة لها في جبل الشيخ، ومحافظة القنيطرة، مؤكدين أهمية احترام وحدة سورية وسيادتها وسلامة أراضيها».
وفي تفاصيل الخبر:
في خطوة هي الأولى من نوعها منذ سقوط نظام بشار الأسد مطلع ديسمبر الماضي، تمخض عن اجتماع وزاري موسع استضافته العاصمة السعودية لمناقشة مستقبل سورية، اليوم، تفاهماً غربياً - عربياً لدعم تحقيق الاستقرار في دمشق عبر مضاعفة المساعدات الإنسانية والإغاثية بموازاة المساعدة في تحقيق انتقال سياسي جامع لكل أطياف الشعب يقوده السوريون، فيما أفيد بضغوط تمارسها بعض العواصم العربية والخليجية من أجل رفع العقوبات الاقتصادية الدولية الثقيلة عن كاهل البلد المدمر، جراء سنوات الحرب من أجل إتاحة نافذة لتقديم مساعدة رسمية لانتشال الوضع الاقتصادي المتدهور عبر تقديم منح قد تشمل تحسين الرواتب موظفي الدولة.
وفي خرق باتجاه إعادة تأهيل حضور دمشق على الساحة العالمية عقب سنوات من العزلة الدولية خلال الحرب الأهلية، شارك وزير الخارجية بالإدارة السورية الجديدة أسعد الشيباني في الاجتماع العربي والدولي للمرة الأولى منذ سيطرة الفصائل المسلحة على السلطة بقيادة هيئة «تحرير الشام».
وانقسم المؤتمر، الرامي لمضاعفة مساعدة الشعب السوري، وترأسه وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، بحضور وزراء خارجية دول عربية وغربية في مقدمتها الكويت وقطر والإمارات وسلطنة عمان والبحرين والأردن ولبنان والعراق ومصر وتركيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، إلى قسمين: الأول شارك فيه الوزراء العرب، بينما حضر الثاني مسؤولون غربيون، إلى جانب المبعوث الأممي إلى سورية، غِير بيدرسون، والمفوض الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، علاوة على وكيل وزارة الخارجية الأميركية جون باس، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي.
وناقش المؤتمر بشقيه الخطوات التي يجب اتخاذها لضمان الاستقرار والأمن في سورية، إذ أكد مسؤول سعودي أن الاجتماعات تمثل امتداداً للمحادثات حول سورية ما بعد الأسد التي عقدت 14 ديسمبر الماضي في العقبة بالأردن.
ويهدف اجتماع الرياض إلى تقديم العون لسورية في هذه المرحلة من خلال دعم العملية السياسية لمرحلة انتقالية سورية - سورية جامعة لكل الأطياف التي تمثل القوى السياسية والاجتماعية في البلاد، كذلك التضامن مع الدولة في الحفاظ على وحدتها وسيادتها وسلامة أراضيها ومواطنيها.
وتواجه سورية والإدارة الجديدة العديد من التحديات والملفات منها رفع العقوبات الغربية وحل الفصائل المسلحة وحصر السلاح بيد الدولة، إضافة إلى عقد مؤتمر للحوار الوطني وإعداد دستور جديد للبلاد والتحضير لإجراء الانتخابات.
دعم خليجي
من جهته، أكد البديوي أن دول مجلس التعاون تؤكد دعم سورية على كل الصعد، وفي مقدمتها تحسين الظروف المعيشية والإنسانية للسوريين، وتقديم الدعم الإغاثي والتنموي لتلبية الاحتياجات الأساسية للشعب، وتسهيل عودة المهجرين واللاجئين إلى ديارهم، ودعم عودة الاستقرار السياسي والأمني، والتعافي الاقتصادي، والتنموي، ووضع الخطوات اللازمة لتحقيق ذلك ولحشد الدعم الإنساني والتنموي لدمشق.
وأكد المسؤول الخليجي دعم رفع العقوبات الدولية المفروضة على سورية. وندد البديوي بالتوسع الاستيطاني الإسرائيلي في هضبة الجولان السورية المحتلة، مشدداً على ضرورة انسحاب إسرائيل من كل الأراضي السورية.
إطلاق سراح المئات من عناصر نظام الأسد في حمص وانقطاع خدمات الاتصال والإنترنت عن درعا بعد اعتداء على كيبل توصيل
على هامش المؤتمر، عقد وزير الخارجية السعودي لقاءات ثنائية منفصلة تناولت سبل التنسيق بشأن الملف السوري مع الشيباني ووزير الخارجية الكويتي عبدالله اليحيا ونظيره الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد، والمصري بدر عبدالعاطي والأردني أيمن الصفدي، والعراقي فؤاد حسين، واللبناني عبدالله بوحبيب، إضافة إلى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان.
وأوضح بن فرحان أنه أكد أهمية تقديم الدعم لتهيئة البيئة المناسبة لعودة اللاجئين السوريين واستعادة الاستقرار إلى سورية. وشدد على «أولوية المحافظة على مؤسسات الدولة السورية ورفض العقوبات الأحادية عليها»، مضيفاً أن «مستقبل سورية هو شأن للسوريين».
مصر والعراق
من جانبه، دعا وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، إلى تكاتف المجتمع الدولي للحيلولة دون أن تكون سورية مصدراً لتهديد الاستقرار في المنطقة أو مركزاً للجماعات الإرهابية. وعدم إيواء اي عناصر إرهابية على الأراضي السورية.
وحث عبدالعاطي على تبني «عملية سياسية شاملة بملكية سورية خالصة تعكس التنوع المجتمعي والديني والطائفي والعرقي داخل سورية، ودون إقصاء لأي قوى أو أطراف سياسية واجتماعية لضمان نجاح العملية الانتقالية، وتبني مقاربة جامعة لكل القوى الوطنية، تتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254».
وجدد التأكيد على وقوف مصر بشكل كامل مع الشعب السوري ودعم تطلعاته المشروعة، داعياً جميع الأطراف السورية في هذه المرحلة الفاصلة إلى إعلاء المصلحة الوطنية، ودعم الاستقرار.
وجاء ذلك في وقت طالبات أوساط بالقاهرة قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع بضرورة «تسليم عناصر مصرية إرهابية موجودة بسورية في مقدمتها شخص يدعى أحمد المنصور»، بعد إطلاق تلك العناصر حملة تحريض ضد السلطات المصرية على مواقع تواصل تحت شعار «حركة ثوار 25 يناير».
وفي موقف مشابه أعرب وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، الأحد، عن مطالبة بغداد بضرورة ضبط الحدود بين العراق وسورية ومنع أي محاولة لتسلسل عناصر إرهابية عبرها، مشيراً إلى أن بلده تتطلع إلى أن تسهم تفاهمات مؤتمر الرياض الموسع في تنسيق الدعم الدولي للسوريين وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
استعداد تركي
على جانب آخر، أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، أن بلاده مستعدة للقيام بدورها من أجل تسهيل «الطريق الصعب» أمام الشعب السوري.
ووصف فيدان حضور وزير خارجية الإدارة السورية الجديدة للاجتماع بأنها «لحظة فارقة وتاريخية».
واعتبر أن مؤشرات عودة الحياة إلى طبيعتها في سورية تزداد قوة كل يوم، مشيراً إلى «وجوب العمل كقوة موازنة بين توقعات المجتمع الدولي والحقائق التي تواجهها الإدارة الجديدة» التي تحظى بدعم تركي غير محدود.
وأشار إلى أنه من الممكن إنشاء آلية أو لجان تنسيقية لجعل الجهود أكثر فعالية مع تحديد القطاعات التي تحظى بأولوية للحصول على إعفاءات أكبر من العقوبات.
من جهة ثانية، دعا فيدان قوات سورية الديموقراطية «قسد» إلى حل نفسها والاندماج مع الحكومة المركزية بدمشق، معتبراً أن بإمكان أنقرة تعزيز قدرة الإدارة الجديدة على مكافحة «داعش».
مساعدات ألمانية
وفي وقت أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي أن وزراء خارجية التكتل سيناقشون رفع العقوبات عن سورية في اجتماع أواخر يناير الجاري، أشارت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، إلى بلده يقترح «نهجاً ذكياً للعقوبات حتى يحصل السوريون سريعاً على الإغاثة وثمار انتقال السلطة»، معلنة أن برلين ستقدم «50 مليون يورو إضافية لتوفير مواد غذائية وملاجئ طارئة ورعاية طبية» للسوريين.
ووسط مؤشرات على انفتاح غربي حذر باتجاه دمشق، رأى وزير الخارجية الإسباني خلال مؤتمر الرياض أن «الإدارة الجديدة لا تستخدم العنف وأنهت دكتاتورية الأسد». وقال إنها قامت بإفراغ السجون ونحن نرحب بكل هذه الإشارات.
أمن وتسريح
ميدانياً، اطلقت القوات الأمنية التابعة للإدارة الجديدة في سورية حملة أمنية، في بعض مناطق ريف دمشق بحثاً عن مطلوبين من أتباع النظام السابق، بالتزامن مع إطلاق سراح دفعة من الموقوفين في مدينة حمص، تشمل نحو 350 شخصاً، ممن اعتُقلوا في الحملة الأخيرة بالمدينة ولم يثبت تورطهم بارتكاب جرائم.
وأفاد ناشطون بمقتل رجل دين بارز في العاصمة حيث تتواصل البلاغات عن وقوع حوادث ثأرية وانتقامية تستهدف خصوصاً أبناء الطائفة العلوية، في حين انقطعت خدمات الإنترنت عن درعا بعد اعتداء مجهولين على كيبل توصيل.
في سياق قريب، قُتل مهرب مخدرات على الحدود الأردنية - السورية في اشتباك بين حرس الحدود الأردني ومجموعة من مهربي المخدرات حاولت التسلل إلى أراضي المملكة، على ما أفاد الجيش الأردني، فيما أعلنت وزارة الداخلية الأردنية السماح للسوريين المقيمين في عدد من الدول بدخول المملكة دون موافقة مسبقة.