كشف مصدر في وزارة الدفاع الإيرانية لـ «الجريدة» أن روسيا سلمت لإيران أخيراً قطعاً لمقاتلات «سو 35»، وذلك قبل الزيارة المقررة بعد غد للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الى روسيا، حيث من المقرر أن يوقع اتفاقية شراكة استراتيجية طويلة الأمد بين الجانبين، طال الحديث عنها.

وكشف المصدر أنه وفق صفقة تم توقيعها عام 2022، اشترت إيران من روسيا 120 مقاتلة سوخوي من روسيا، 60 منها من نوع «سو SE»، التي تعتبر أحدث جيل و60 أخرى من نوع «سو 35».

Ad

وزعم المصدر أن إيران، ومع تسلّم آخر دفعة من القطع، بات لديها نحو 60 مقاتلة مناصفة من النوعين جاهزة للطيران والقتال.

جاء ذلك، في وقت قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، إن اتفاق الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وإيران لن يستهدف أي دولة أخرى. وكان التوقيع على هذا الاتفاق تسبب في أزمات بين طهران وموسكو، خصوصا بسبب الشق العسكري والأمني الذي كانت موسكو تريد أن ينص على تحوّل البلدين الى حليفين عسكريين، حيث تتمكن من استخدام قواعد عسكرية إيرانية بحرية وجوية عند الحاجة، وهذا ما رفضته إيران منذ رئاسة هاشمي رفسنجاني الذي وقّع أول اتفاق تعاون مع موسكو. وقبل وفاته في حادث تحطّم مروحية غامض في مايو 2024، كان الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ينوي السفر الى موسكو لتوقيع هذا الاتفاق، مع القبول بعدة بنود عسكرية كانت حكومة سلفه حسن روحاني ترفضها.

يُذكر أن إيران قررت خلال عهد رئيسي مساعدة روسيا عسكرياً في الحرب الأوكرانية متجاوزة خطا أحمر في الجمهورية الإسلامية وضعه مؤسسها روح الله الخميني يقضي بعدم التدخل في حرب المحاور، خصوصا بين الشرق والغرب.

وضغطت موسكو بقوة للتوقيع بعد وفاة رئيسي.

وصرح مسؤولون روس بأنهم يتوقعون أن تلتزم إدارة بزشكيان بتعهدات واتفاقات رئيسي، لكن بزشكيان حاول التملص، الى أن بدأت إيران تتلقى الضربات الإقليمية واحدة تلو الأخرى، من اغتيال زعيم حركة حماس، إسماعيل هنية، في قلب طهران في يوم تنصيب الرئيس الجديد، الى اغتيال قيادة حزب الله وخسارة الكثير من قدراته، وصولا الى سقوط نظام بشار الأسد في سورية، الحليف الوحيد لإيران الذي كان يسيطر على دولة وليس عبارة عن ميليشيا.

وقال مصدر مقرّب من بزشكيان إن إيران ستوقّع على الاتفاق من دون التزامات عسكرية، ولن تقبل خصوصاً أن تستخدم روسيا قواعدها العسكرية بذريعة أن ذلك يتناقض مع الدستور. وكان «الكرملين» قال، في بيان أمس الأول، إن الرئيس فلاديمير بوتين وبزشكيان سيوقّعان «اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة بين روسيا وإيران، وسيدليان بتصريحات إعلامية». وأضاف: «خلال المحادثات، من المتوقع أن يناقش الزعيمان توسيع نطاق التعاون الثنائي في عدة مجالات، كالتجارة والاستثمار والنقل والخدمات اللوجستية والقطاعات الإنسانية وغيرها».

«خطة 100 يوم»

ويعتقد مراقبون أن توقيت توقيع الاتفاق هو محاولة من إيران لإيجاد توازن في وجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يتسلم السلطة بعد أيام، وذلك بعد تلقي نفوذها الإقليمي ضربات قاسية ومؤلمة.

وكانت «فوكس نيوز» قالت إنها اطلعت على تقرير جديد تمت مشاركته مع فريق الانتقال الخاص بترامب، يتضمن توصيات صارمة لتقييد النظام الإيراني. وقدمت منظمة «الاتحاد ضد إيران النووية» إلى فريق الانتقال المذكور خطة بعنوان «خطة 100 يوم للتعامل مع إيران»، باعتبارها خريطة طريق شاملة تغطي جميع الجوانب الدبلوماسية، والاستخباراتية، والعسكرية، والاقتصادية، تهدف الى تقييد طهران.

وتطرح الخطة عدة استراتيجيات لإضعاف النظام الإيراني، مشيرة إلى ضرورة أن تبدأ الحكومة الأميركية بحملة ضغط شاملة ضد طهران لتقييد خياراتها. وألمح فريق ترامب الى أن الرئيس مستعد لإعادة حملة الضغوط القصوى التي مارسها خلال ولايته الأولى ضد طهران، وأدت الى انهيار الاقتصاد الإيراني، لكن الرئيس الجمهوري قال إنه مستعد للتفاوض مع طهران والتوصل الى صفقة.

اجتماع «جنيف 2»

وجرى أمس الأول اجتماع هو الثاني من نوعه في أقل من شهرين بجنيف بين إيران و»الترويكا الأوروبية» (فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة) حول البرنامج النووي الإيراني.

ووصف نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون الدولية، كاظم آبادي، المباحثات بأنها «جادة وصريحة وبناءة».

وأضاف أن «الأطراف اتفقت على ضرورة استئناف المفاوضات، وعلى أنه من أجل التوصل إلى اتفاق، على جميع الأطراف توفير مناخ مناسب والحفاظ عليه. واتّفقنا على مواصلة حوارنا».

من جهتها، أكدت وزارات خارجية الدول الأوروبية الثلاث أن «المناقشات كانت جادة وصريحة وبناءة. بمواجهة سياق صعب، ناقشنا مخاوفنا وأكدنا التزامنا التوصل إلى حلّ دبلوماسي، واتفقنا على مواصلة حوارنا».

وفي رسالة إلى مجلس الأمن الدولي بتاريخ 6 ديسمبر، أعربت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة عن «قلقها» الكبير، وحضّت الجمهورية الإسلامية على «وقف تصعيدها النووي على الفور». وناقشت الدول الثلاث احتمال تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات على إيران «لمنعها من امتلاك السلاح النووي».