تسارع نمو الوظائف في الولايات المتحدة بشكل غير متوقع في ديسمبر الماضي، متجاوزاً توقعات الخبراء بـ 256 ألف وظيفة جديدة، مقارنة بـ 212 ألفاً في نوفمبر. وانعكس هذا النمو في انخفاض معدل البطالة إلى 4.1 بالمئة، مما يشير أيضاً إلى قوة سوق العمل بنهاية العام، وهذا الأداء القوي يعزز نهج الحذر الذي اتبعه «الاحتياطي الفدرالي» في تخفيض أسعار الفائدة عام 2025.
وعلى الرغم من ارتفاع الأجور بنسبة 3.9 بالمئة على أساس سنوي وارتفاع متوسط الدخل بالساعة بنسبة 0.3 بالمئة وزيادة نفقات الاستهلاك الشخصي بنسبة 2.8 بالمئة في نوفمبر حسب القراءة الأخيرة لنفقات الاستهلاك، فإن التضخم لا يزال يمثّل مصدر قلق أمام مسؤولي «الاحتياطي الفدرالي»، وتشير هذه البيانات الى أن مرونة سوق العمل تدعم الاقتصاد الأميركي، ولكنها تزيد أيضاً من الضغوط التضخمية.
وللمقارنة مع عامي 2022 - 2023، بالرغم من تباطؤ التوظيف بعد رفع أسعار الفائدة من «الاحتياطي الفدرالي»، فإن مرونة سوق العمل تستمر في دعم الاقتصاد الأميركي من خلال تحفيز الإنفاق عبر الأجور الأعلى. ووسط هذه التحديات يوجد قلق من الاقتصاديين أن سياسات الرئيس المنتخب ترامب قد تدفع التضخم الى الزيادة.
وتشير الإحصاءات إلى توسّع الاقتصاد المحلي بمعدل أعلى وتيرة من النمو غير التضخمي الذي يبلغ 1.8 بالمئة، وهي النسبة التي يعتبرها مسؤولو «الاحتياطي الفدرالي» الحد الأقصى للنمو المستدام، لكن هذا الزخم سيتباطأ بعد تعهدات الرئيس ترامب بفرض زيادة التعريفات الجمركية على الواردات وترحيل ملايين المهاجرين غير المسجلين.
من وجهة نظري، يشير التقرير الأخير عن الوظائف في الولايات المتحدة، الى قوة غير متوقعة لسوق العمل، حيث تجاوزت زيادة الوظائف التوقعات بشكل كبير، ولكن هذا النمو القوي يأتي في ظل مخاوف متزايدة بشأن التضخم. ويتجلى ذلك في استجابة السوق الأميركي لهذه المخاوف، مع ارتفاع عوائد السندات وانخفاض أسواق الأسهم وزيادة قلق المستثمرين.