لبنان يتجه إلى حكومة بلا حزبيين ولا محاصصة

«حزب الله» وبري يقاطعان مشاورات سلام رمزياً

نشر في 16-01-2025
آخر تحديث 15-01-2025 | 20:24
عون مستقبلاً وزير الخارجية الإسباني في قصر بعبدا أمس (أ ف ب)
عون مستقبلاً وزير الخارجية الإسباني في قصر بعبدا أمس (أ ف ب)

انتهى اليوم الأول من الاستشارت النيابية غير الملزمة، التي بدأها رئيس الحكومة المكلف نواف سلام مع الكتل النيابية، مع إجماع على ضرورة تشكيل حكومة لا تضم حزبيين وبعيدة عن المحاصصة الحزبية وتشكل من خبراء وتكنوقراط مختصين، قادرين على إطلاق عملية إصلاحية جراحية يحتاجها البلد بشدة، بعد أن غرق منذ أكثر من أربع سنوات في أزمة اقتصادية ونقدية غير مسبوقة يضاف إليها ما خلّفته الحرب بين حزب الله وإسرائيل، إلى جانب إصلاح سياسي يقطع مع أسلوب الحكم السابق القائم على المحاصصة الحزبية، التي أدخلت البلد في دورات من التعطيل الدستوري والفراغ الإداري والسياسي.

وبحسب المعلومات، فإن مقاطعة حزب الله وحركة أمل لاستشارات سلام رمزية، والكلام الذي نسب الى رئيس مجلس النواب نبيه بري بأن الأمور ليست سلبية هو الموقف الأدق قياساً إلى مواقف أخرى أكثر سلبية نقلت عنه.

وتفيد مصادر بأن «الثنائي الشيعي» ليس بوارد التعطيل أو الذهاب إلى مشكل داخلي سياسي أو غير سياسي، وأن المناورات التي يجريها هدفها الأساسي ضمان حصة للحزب والحركة في تشكيلة الحكومة أو التعيينات الأخرى التي سيشهدها البلد وبعض المطالب الأخرى التي تتعلق بملفات متعددة مثل قانون الانتخاب الجديد خصوصاً أن الثنائي يطالب بأن يتم اعتماد صوتين تفضيليين بدلاً من صوت تفضيلي واحد.

كما يسعى الثنائي إلى إيصال رسالة للعهد ولرئيس الجمهورية جوزيف عون بأنه لا يمكن تجاوز القوى السياسية، خصوصاً أن الوضع السياسي الداخلي والضغوط الخارجية خصوصاً مع وصول دونالد ترامب إلى السلطة وتلميحاته حول منطقة الشرق الأوسط، وهذا ما التقطه رئيس مجلس النواب عندما قال أمس: «لبنان بدو يمشي» ما يعني أنه على الرغم من العتب والغضب ففي النهاية سيكون هناك مدخل للتسوية والتفاهم.

وتحدثت مصادر أخرى عن اتصالات غير مباشرة تحصل بين بري وسلام، مع تحديد موعد للقاء بينهما بعد انتهاء الاستشارات النيابية، على أن يعقد اللقاء غدا الجمعة يتطلع بري أن يشهد حديثاً جدياً في تصورات وآليات عملية تشكيل الحكومة وصيغتها.

وتقول هذه المصادر إن العديد من الوسطاء دخلوا على الخط بين الجانبين، في إطار توفير ظروف مناسبة لتشكيل حكومة جامعة ينطلق معها العهد الجديد بقوة وفعالية، جهات دبلوماسية ودولية دخلت على الخط أيضاً.

وبعد لقائه سلام، أشار عضو كتلة تحالف التغيير النائب مارك ضو إلى أن «تمنينا أن تكون الحكومة بأصغر حجم ممكن وألا تضم حزبيين وأن تضم عدداً من النساء وألا تكون هناك محاصصة حزبية، وأن يكون التركيز على المهام المطلوبة وأن يتم تسليم كل السلاح».

بدوره، أشار النائب جورج عدوان، رئيس تكتل «القوات اللبنانية» النيابي إلى أن «مطلبنا الأساسي أن تكون خطة الحكومة خطاب القسم وحددنا بوضوح أننا لا نريد العودة إلى أي معادلات سابقة منها جيش وشعب ومقاومة»، مؤكداً «تطبّق القرارات الدولية بحذافيرها ومحاربة الفساد واستقلالية القضاء».

ولفت عدوان إلى أن «قبل الحصص والمحاصصة نريد الجمهورية الثالثة التي تحترم قواعد الدستور والقانون»، مؤكداً أنه «لم يجر تقديم أي وعود لأحد بعكس ما أشاع بعض النواب». وأكد عدوان أن «الثنائي لديه أكبر تمثيل شيعي ونأمل أن يشارك في العهد الجديد لكنه ليس الممثل الوحيد».

وقال جبران باسيل، زعيم «التيار الوطني الحر»، بعد لقاء سلام «لم نطالب رئيس الحكومة المكلف بأي أمر لا بوزارة ولا بعدد ونحن مستعدون للمساعدة إذا كان هذا الامر متوفراً، ولكن برأينا ولتكون هناك حكومة فعالة يجب أن يكون فيها وزراء ممثلون للقوى البرلمانية ولكن اختصاصيين ليجمعوا بين السياسة وبين القدرة على العمل والإنتاج والإصلاح، إضافة إلى أنه يجب أن تكون هناك معايير واحدة واضحة أياً تكن حتى لا يعود هناك شعور بتمييز بين الأفرقاء إلا على قواعد واضحة وأيضاً يجب ألا تكون هناك عملية لاستهداف لأي أحد واستضعافه ولا استقواء لأحد على الآخر».

وأوضح رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط، أنه «تمنينا تخفيف الضغوطات والطلبات على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف لكي يتمكنا من تشكيل الحكومة»، مشدداً على «التواصل مع الجميع ولا يمكن لأحد أن يلغي الآخر».

إلى ذلك، يزور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة لبنان، على ما أعلن البلدان في ثاني زيارة لرئيس دولة إلى بيروت منذ وصول جوزيف عون إلى سدّة الرئاسة، بعد زيارة أجراها الرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدس الجمعة.

وقالت الرئاسة اللبنانية في بيان، إن عون بحث مع السفير الفرنسي ايرفيه ماغرو «الترتيبات المتعلقة بالزيارة».

وفي وقت لاحق، أكّد الإليزيه أن ماكرون سيجدد خلالها تمنياته «تشكيل حكومة قوية في أقرب وقت ممكن، قادرة على توحيد لبنان بجميع تنوعاته، من أجل تنفيذ الإصلاحات الضرورية لإنعاش البلاد». وتعكس الزيارة، وفق باريس، «التزام فرنسا الدائم باستقرار لبنان ووحدته وتنميته».

وستشكّل، وفق البيان، «فرصة للعمل على التنفيذ الكامل لوقف إطلاق النار» الذي أُعلن عنه في 26 نوفمبر بين حزب الله وإسرائيل وبرعاية الرئيسين الأميركي جو بايدن وماكرون، «ولتجديد التزام فرنسا بهذا الهدف ضمن قوات اليونيفيل وفي إطار آلية مراقبة» تطبيق الاتفاق.

وبموجب الاتفاق، أُنشئت آلية مراقبة تجمع كلا من فرنسا والولايات المتحدة ولبنان وإسرائيل وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة «يونيفيل»، لمراقبة تنفيذ الاتفاق ورصد أي انتهاك له.

ورغم التسريبات التي أشارت إلى أن ماكرون يدعم بقاء رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي في منصبه، رحّب ماكرون بتكليف سلام، معتبراً أن «الأمل بالتغيير يكبر» مضيفاً: «نحن أمام تعيين شخصية معروفة بنزاهتها ومؤهلاتها، شخص سبق وأعرب عن نيته القيام بإصلاحات ينتظرها اللبنانيون والأسرة الدولية للسماح للبنان بالعودة إلى طريق استعادة سيادته والإصلاحات الضرورية لنهوض البلاد الاقتصادي».

back to top