حملات أمنية في دمشق وحماة وجلسات مصالحة للعلويين
الشيباني: لا حاجة لعودة اللاجئين بسرعة من ألمانيا
• أردوغان: على جميع الدول رفع أيديها عن سورية
غداة الاشتباكات التي وقعت أمس الأول في محافظة اللاذقية شمال سورية، على خلفية اختطاف مسلحين علويين لعناصر أمن تابعين للإدارة السورية المؤقتة، أطلقت القوات الأمنية التابعة للإدارة، أمس، مهمة تمشيط جديدة في عدة مناطق، من بينها حماة ومشروع دمر بدمشق.
وقُتل شخصان وأُسر 7 عناصر من إدارة الأمن العام التابعة للحكومة المؤقتة، قبل أن يتم تحريرهم ومقتل مختطفهم بسام حسام الدين، القيادي السابق في الجيش خلال حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، بريف اللاذقية.
مصالحة مجتمعية
وبالتوازي، كشفت مصادر عن عقد لقاءات بين وجهاء علويين ومحافظي طرطوس واللاذقية وريفها، ومديري الإدارة السياسية الجديدة بمدن الساحل. وقالت المصادر إن اللقاءات جاءت لـ «تقريب الآراء وعقد مصالحة مجتمعية» غداة حادثة مقتل واختطاف عناصر الإدارة العسكرية على يد حسام الدين، الذي هدد في فيديو بإطلاق انتفاضة علوية بمدن الساحل، قبل أن يلقى مصرعه.
وأصدر مفتي القرداحة ومشايخ الطائفة العلوية بياناً مصوراً استنكروا فيه دعوة شيخ علوي يدعى صالح منصور، الذي طالب في فيديو بحماية دولية لأبناء طائفته. وأكدوا أنهم لا يعرفون الشخص الذي أفيد باعتقاله، وكذّبوا التقارير التي تتحدث عن «قتل لأبناء الطائفة على الهوية»، باستثناء بعض الأحداث الفردية التي لها أسبابها.
وأشار البيان المصور إلى أن الطائفة العلوية جزء من الشعب السوري، وأن القيادة الجديدة في دمشق هي المرجعية الشرعية في حل جميع المشاكل لمنع حدوث أي فتن.
زيارة أممية
في سياق آخر، دعا وفد المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، برئاسة فولكر تورك، قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، خلال أول زيارة له إلى دمشق، إلى ضرورة عدم السماح بحدوث الفظائع التي شهدتها سورية في عهد النظام السابق مرة أخرى.
وقال تورك خلال مؤتمر صحافي من دمشق، إن «العدالة الانتقالية أمر بالغ الأهمية مع تقدّم سورية نحو المستقبل... الانتقام والثأر ليسا أبداً الحل».
وأضاف تورك: «يجب التحقيق بشكل كامل في حالات الإخفاء القسري، والتعذيب، واستخدام الأسلحة الكيماوية، وغيرها من الجرائم. وبعد ذلك، يجب تحقيق العدالة بشكل عادل وحيادي».
والتقى تورك خلال زيارته قائد الإدارة الجديدة في سورية أحمد الشرع الذي ناقش معه «الفرص والتحديات التي تنتظر سورية الجديدة»، وفق تورك.
ونقل عن الشرع تأكيده «أهمية احترام حقوق الإنسان لجميع السوريين، ولكل مكونات المجتمع السوري». وقال إن الشرع أعرب أيضاً عن دعمه «السعي نحو التعافي، وبناء الثقة، والتماسك الاجتماعي، وإصلاح المؤسسات».
واعتبر تورك أن «إعادة بناء سورية التي تعمل لمصلحة جميع سكانها، على أساس المساواة في الكرامة وبدون تمييز، ستكون مفتاح نجاحها واستقرارها».
ومنذ وصول السلطة الجديدة الى دمشق، يخشى سوريون كثر من توجهها إلى إقامة نظام حكم ديني وإقصاء مكونات سورية واستبعاد المرأة من العمل السياسي، رغم رسائل طمأنة يوجهها المسؤولون الى مختلف المكونات السورية وبينها الأقليات الدينية والى المجتمع الدولي.
ويكرّر موفدون دوليون يزورون دمشق تباعاً، تأكيدهم ضرورة أن تشارك مختلف المكونات السورية في مرحلة الانتقال السياسي الذي يجب أن يكفل احترام الحقوق المدنية والحريات الأساسية.
وبينما تحضّر الإدارة السورية الجديدة لعقد مؤتمر حوار وطني يمهد لإجراء إحصاء سكاني وكتابة دستور وإجراء انتخابات بمساعدة الأمم المتحدة، أعلن «مجلس الشعوب الديموقراطي» في الإدارة الذاتية الكردية شمال شرقي سورية استعداده للتعاون لإنجاز دستور سوري جديد مع قادة دمشق الجدد.
لاجئو ألمانيا
وفي حين يقدر عدد السوريين الذين فروا من بلدهم خلال سنوات الحرب بنحو 6.2 ملايين لاجئ، بينهم نحو مليون تستضيفهم ألمانيا، استبق وزير الخارجية في الحكومة السورية المؤقتة، أسعد الشيباني، استقباله وزيرة التنمية الألمانية سفينيا شولتسه في دمشق أمس، بالإشارة إلى أنه لا توجد حاجة لعودة اللاجئين السوريين من ألمانيا بشكل سريع.
وقال الشيباني إن اللاجئين الذين استقبلتهم برلين أفضل حالًا من الكثير من اللاجئين والنازحين السوريين في مناطق أخرى من العالم. وكان النظام السابق متهماً باستغلال ملف اللاجئين في تركيا ولبنان والأردن، إضافة إلى الدول الأوروبية، مما أثار أزمة هجرة لا تزال تداعياتها حاضرة، خاصة مع صعود اليمين المتطرف المعادي للهجرة في عدد من الدول الأوروبية.
من جهتها، أكدت وزيرة التنمية الألمانية أنه «بعد 50 عاماً من الديكتاتورية و14 عاماً من الحرب الأهلية، لدى سورية الآن فرصة لتحقيق تنمية سليمة ومستقرة». وأضافت: «سيكون من الخطأ عدم استغلال هذه الفرصة التاريخية لدعم سورية في الشروع ببداية جديدة وسلمية».
وأعلنت شولتسه أن برلين ستوسع برنامج الشراكات الدولية للمستشفيات ليشمل المرافق الصحية في سورية، كجزء من جهود التعافي التي تهدف إلى الاحتفاظ بالكوادر الطبية في ألمانيا. وأشارت إلى أن هناك 5800 طبيب سوري يعملون في ألمانيا حالياً، محذرة من حدوث نقص في العناصر الطبية إذا عاد هؤلاء الأطباء إلى وطنهم.
وتضم ألمانيا أكبر جالية سورية في أوروبا، حيث اقترحت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، السماح للسوريين في ألمانيا بزيارة وطنهم مرة واحدة دون أن يؤثر ذلك على وضعهم كلاجئين. لكنها أضافت: «قد يتعين على بعض السوريين العودة إلى وطنهم إذا لم يعودوا بحاجة إلى الحماية في ألمانيا بسبب استقرار الوضع في سورية».
مطالب تركية
إلى ذلك، استبق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وصول وزير الخارجية السوري على رأس وفد رفيع في أول زيارة رسمية للإدارة الجديدة إلى أنقرة، بمطالبة جميع الدول بـ «رفع أياديها» عن سورية.
وقال أردوغان: «يجب على الجميع أن يرفعوا أيديهم عن المنطقة، ونحن قادرون مع إخواننا السوريين على سحق داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية في وقت قصير». وأضاف: «لا يمكننا أن ننظر بمنظار غربي إلى دولة مجاورة تربطنا بها علاقات أخوية منذ قرون وحدود بطول 911 كيلومتراً».
وأكد أردوغان أن «إذا لم تلق وحدات حماية الشعب الكردية السلاح، فلن تتمكن من الفرار من النهاية المحتومة». وأضاف: «ندعم حل جميع قضايا إخوتنا الأكراد في سورية، ولن نسمح تحت أي ذريعة بتقسيم سورية».
وفي وقت أبدى مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، تفهمًا لـ«المخاوف الأمنية المشروعة» لتركيا فيما يتعلق بتنظيم «العمال الكردستاني»، أكد أن «للأتراك الحق في الدفاع عن أنفسهم ضد الهجمات الإرهابية».