معالجة الحكومة وإداراتها المختلفة لمشكلة الشهادات العلمية المزورة معالجة ناقصة وغير مجدية، ويتم التعامل معها بشكل مجتزأ وبعيد عن الأهداف الحقيقية لكشف التزوير وتجنب آثاره ومخلفاته الضارة.

الأصل أننا نحارب التزوير للحفاظ على السلامة العامة وتقديم الخدمات بشكلها المأمون والصحيح، وليس للقبض على فلان أو التشهير بعلان. بمعنى أن المزور، لو كان طبيباً على سبيل المثال، فإنه قد يسيء وقد يودي بصحة المرضى، ولو كان مهندساً فقد يتسبب، بسبب جهله وعدم كفاءته، بكوارث عامة. لهذا، فإن الهدف والقصد هنا هو الحفاظ على سلامة الناس وضمان أمن وسلامة الخدمات.

Ad

لهذا، فإن الجهد الحكومي في محاربة تزوير الشهادات يجب أن يتجه إلى الأساس وإلى الأسباب التي تجعل من التزوير عملاً «ناجحاً» ومكسباً للمزور. وفي رأيي، فإن السبب الأساسي لانتشار التزوير هو أسلوب التوظيف. فحكومتنا توظف حسب الشهادة وللشهادة أيضاً، خصوصاً عندما يكون الموظف، أو بالأحرى طالب الوظيفة، كويتياً، فإن شهادته وحدها تكون كافية لضمان وظيفة له في مكان ما. لذا يصبح الهدف هو الحصول على الشهادة... وفي هذه الحالة أي شهادة: شهادة بتفوق، أو «حد حده»، أو حتى شهادة مزورة. المهم أنها شهادة وكفى. فالشهادة تضمن الوظيفة وتضمن الدرجة الرابعة أيضاً. وكل ما على الكويتي هو أن يُعلن أنه «تخرج» ليصبح بعدها موظفاً لدى الحكومة.

التعيين في الوظائف يجب أن يصبح حسب الحاجة ووفقاً لخبرة المرشح للوظيفة وقدرته، وليس توظيفاً للشهادة بحد ذاتها. يجب تقييم طالب الوظيفة وإخضاعه للفحص، أو بالأحرى الاختبار، للكشف عما إذا كان صالحاً وقادراً على أداء الوظيفة التي يتقدم لها أم لا. وإن كان كذلك، أي قادراً ومؤهلاً لأداء المطلوب، فمرحباً به حتى لو كان بدون شهادة.

ربما تكون الدولة، حسب المادة 41 من الدستور، ملزمة بتوفير العمل للمواطن، ولكن هذا لا يعني أنه يجب أن تضمن له الدرجة الرابعة ومكتباً وخط تلفون ورئاسة قسم، كما يحدث الآن.

يجب إعادة النظر في نظام التوظيف، واعتماد الاختبار والممارسة بدلاً من الشهادة. وعلى طالب الوظيفة أن يتدرج في العمل ويصعد السلم درجة بعد درجة، وألا تُسلم له المسؤولية الكاملة حتى يثبت عملياً، وليس نظرياً، كفاءته.