السجن لمسربي اختبارات الثانوية
«الجنايات» دانت 6 متهمين بأحكام تصل إلى 10 سنوات وتغريمهم 42 ألف دينار
في حكم قضائي بارز، دانت محكمة الجنايات، أمس، 6 متهمين في قضية تسريب اختبارات الثانوية العامة المعروفة إعلامياً بـ «قروبات الغش»، وأمرت بحبسهم مدداً متفاوتة تصل إلى 10 سنوات وإلزامهم بغرامة مالية تصل إلى 42 ألف دينار.
وذكرت «الجنايات»، في حيثيات حكمها الذي أصدرته برئاسة المستشار محمد الصانع وعضوية القاضيين حمود الشامي وعبدالعزيز البرجس، أن الغش أصبح عملية منظمة تجر البلاد إلى طريق مسدود، وتجعل مخرجات المستقبل أكثر فشلاً وأكبر عرضة للفساد والإفساد، مما يؤدي إلى جعل الدولة هزيلة.
وأكدت المحكمة ثبوت الواقعة بحق المتهمين، وبينهم معلمة، وأنها قالت كلمة الفصل في الدعوى، معتبرة أنه «من الإنصاف أن تقرر بأن نواحي الدعوى، حسبما يوحيه موضوعها، أكثر من أن تُحصى مدوناتها ومخاطرها، وهل يجب أن يقتصر الإصلاح على ما تصدره المحاكم من أحكام في القضايا المعروضة عليها؟ وإذا كان الأمر كذلك، فكيف كان حال المنظومة التعليمية في البلاد، وما بها من خلل في السنوات المنصرمة قبل أن تطرق ظاهرة الغش أبواب القضاء؟ وكيف تطورت حتى وصلت إلى أروقة المحاكم؟».
وأضافت أن التغيير الذي حدث على العملية التعليمية، من تفشي الإقبال على ظاهرة الغش في الاختبارات، والتهافت على المنادين بها، والتسابق بين السائرين في ركابها، لم يعد ضمن المجرى العادي للأمور كما كان من قبل، في صورة «خطفة» يخطفها الطالب الفاشل عن اليمين وعن الشمال، متبوعة بوجل كشف أمره، أو سخط الرقيب، أو تقريع الضمير، أو كل ذلك جميعاً، بل أصبح الغش عملية منظمة ومدارة، تستبق خطاها عملية التحول التكنولوجي المذهلة، والمتماهية مع الجيل الجديد في تنوع استخداماتها.
وأكدت المحكمة أن مثل هذا الاختراق للعملية التعليمية - في أدق مراحلها «المرحلة الثانوية» - يتحكم بشكل مشبوه بمخرجات المستقبل، مما يجعلها أكثر فشلاً وأكبر عرضة للفساد والإفساد، ويجعل الدولة هزيلة ويجرها إلى طريق مسدود، كما أنه لا يقبل معه القول إنه لم يكن بالإمكان التنبؤ بمخاطر التحول التكنولوجي أو التنبه لحدوثه على هذا النحو المرير.
وتابعت: لا يمكن القول إن ظاهرة الغش ليست إلا جائحة وجدت طريقها إلى المدرسة عبر مجموعة متنوعة من الأفكار واستخدامات الحداثة على المستوى الفردي، وما نتج عنها من أفكار هدامة وعلاقات مشبوهة، مبينة أن هذا يدفع بالمسألة بعيداً عن غايتها إلى ميدان تقاذف المسؤولية، وهي بذاتها عوائق تحول دون التقدم نحو التحرر من هذا الواقع الذي رهن المعلم والطالب وولي الأمر.
وتابعت المحكمة: «ومما يعقد المسألة أكثر، ويجعلها تدور في فلك لا حد له، أن من يريد التحرر من هذا الواقع لا يقدر عليه، ومن يقدر عليه لا يريده، بما لا يلتقي حتى مع نواميس التطور في أبسط ملامحها»، مضيفة أن «كل تقدم كان مسبوقاً - على نحو ما - بإعادة تنظيم الحالة التعليمية في صيغ جديدة تعيد بناء المعلم والطالب وولي الأمر كأساس يستقيم عليه النظام الاجتماعي، وبما يضمن بناء الإنسان».
ورأت أنه لتحرير المدرسة من أغلال هذه الظاهرة، يجب أن يدرك القائمون عليها حاجة مراجعة القوانين التي تنتظم الحالة التعليمية من جميع أقطارها في المرحلتين الإجباريتين، ولا سيما الاختيارية منها «المرحلة الثانوية» بوصفها بوابة الطالب إلى المرحلة الجامعية، مما يرشح لبناء مستقبل آمن للأجيال القادمة في عقولها وأخلاقها.