في الصميم: هنيئاً لنا بقطر
الحقيقة أن كيل المديح الأخير من الخليجيين تحديداً لدولة قطر الشقيقة مستحق وواجب، وشدّ يد على الإنجاز الصعب الذي حققوه، وهو دافع وتشجيع لنا كخليجيين على أن نكون منتجين وإيجابيين ومبدعين، فليس عيباً أن نتجنب الأخطاء ونقتدي بما نجح فيه الأشقاء.
فالكويت قبل عدة عقود طويلة كانت محط إعجاب الخليجيين والعرب بوجه عام، ومثلاً يحتذى به، وكان كثير من الأشقاء ينظرون بإعجاب شديد إلى نهضتها التعليمية والثقافية والتنموية والعمرانية والإعلامية، وحتى السياسية، التي تحققت في الكويت خلال عصر التنوير والانفتاح، إلا أنهم خيراً فعلوا أن ابتعدوا عن السياسة ودهاليزها المظلمة الفاسدة، فقد تبين أنها مع الزمن، وبعد أن تغيرت الوجوه ومعها الضمائر، فقد تحولت الى معرقل للتنمية، وأداة لتأصيل الفساد، معروض بعض منها إلى البيع والشراء.
فما نفع سياسة بلا تنمية، إنتاجيتها الوحيدة هي الصراع على المال والسلطة، والسفسطائية في كل شيء وعلى كل شيء، حرية التعبير هي الديموقراطية الحقيقية، وهي الطريق الصحيح إلى التنمية الحقيقية والإبداع، وهي المتنفس الحقيقي لأصحاب الرأي وللمعارضين الوطنيين، حرية التعبير هي الديموقراطية الحقيقية وهي التي تقود إلى المساواة والعدالة والتقدم بدلاً من التقهقر.
عندما نمتدح أشقاءنا في كل دول الخليج العربي على النهضة التنموية والاجتماعية والتعليمية الشاملة التي حققوها خلال سنوات قليلة، فإننا كما نهنئ أنفسنا، فكل ما يسرهم يسرنا، واليوم نقول لأشقائنا في قطر هنيئاً لكم، ليس في نجاحكم في إقامة كأس العالم، كأس التحدي فقط، ولكننا نهنئكم على تلك الإرادة والعزيمة وتنفيذ ما وعدتم به رغم الهجوم الشرس، ليس من الإعلام الغربي فقط ولكن حتى من الإعلام العربي الظالم، فرغم استهانة وسائل غربية وعربية صراحة بدولة قطر الشقيقة فإنها لم تأبه بهم ولم تثبط عزيمتها، أما أكثر ما أثار إعجابي شخصياً فهي في استعانتها بخبرات مؤهلة عالمياً وكفاءات من دول متقدمة علمياً وتكنولوجيا دون التفاتها لأي ضغوط لن تنفعها ولا شعبها بشيء، وهذا حقاً يستحق الإشادة، فقطر الدولة صغيرة المساحة كبيرة في إنجازات أجبرت الجميع على احترامها كدولة برزت خلال مدة وجيزة كمؤثر إعلامي ورياضي وتعليمي ومعرفي، ولم تهتم بالناقدين والحاسدين والحاقدين.
إنجازات قطر ليست فقط رياضية، فهي الأولى عربياً والرابعة عالمياً في جودة التعليم، والأولى عالمياً في الأمن والأمان، والأولى عالمياً في سرعة النت، والأولى عربياً وال 18 في مؤشر الرعاية الصحية، وفي المركز ال27 عالمياً في مؤشر جودة الحياة، وفي المركز 35 عالمياً في مؤشر تكلفة المعيشة، قطر نجحت بمشاركة القطاع الخاص في تحقيق الاكتفاء الذاتي من منتجات الألبان والدواجن، فلم تسمح للفاسدين بتحويل أراضيها إلى استراحات، أو بيع وشراء على حساب الدولة، ولهذا فهي الأولى عربياً وال 13 عالمياً في مؤشر الأمن الغذائي، وتقع ضمن أفضل 20 دولة في بيئة الأعمال، والأولى عربياً وال 13 عالمياً في التنافسية، وتملك أفضل شركة طيران في العالم، أما أهم ما جعل قطر تخطو الى الأمام بدون عراقيل ومعوقات فلأنها الأولى عربياً في مؤشر مكافحة الفساد.
فنتمنى كل الخير لأشقائنا في كل دول الخليج بلا استثناء، راجين أن يكون تقدمهم هذا دافعاً لنا، وهذا ليس انتقاصاً من قدر بلدنا ولا استهانة بعطائه، فليس عيباً أن نستفيد من تجاربهم الإيجابية كما استفادوا هم قبل عقود من تفردنا في كل شيء.