الاكتتابات العامة... فرص ضائعة على المواطنين عمداً
• اكتتابا «أم الهيمان» للصرف الصحي ومستشفيات الضمان معطلان بالبيروقراطية الحكومية
• عدم وجود مبادرات استثمارية مفيدة للمواطنين يفتح باب المطالبات غير المنطقية كإسقاط القروض
تعيش أسواق منطقة الخليج فورة في عمليات الاكتتابات العامة، سواء التي تطرحها حكوماتها أو شركات القطاع الخاص العائلية أو المساهمة، فيما تبدو الكويت - كالعادة - بالمقارنة مع دول «التعاون» الأخرى في مرتبة متأخرة في سوق استقطاب رؤوس الأموال من المستثمرين وتوجيهها نحو التداول في البورصات الخليجية.
وحسب بيانات «بلومبرغ»، تستحوذ منطقة الخليج العربي على 50 في المئة من حجم الاكتتابات العامة في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا منذ بداية العام الحالي بقيادة كل من السعودية والإمارات، اللتين لا يكاد يمضي شهر دون طرح شركة جديدة أو قائمة للمستثمرين المحليين الأفراد والشركات المحلية والأجنبية في مختلف قطاعات الاقتصاد، سعياً لجذب رؤوس الأموال من جهة، واستقطاب الخبرات الاستثمارية وحتى التشغيلية من جهة ثانية، ناهيك عن طرح منتجات وخيارات ذات عمليات وعوائد للمتداولين في بورصات المنطقة؛ بما يعزز من جاذبيتها ويرفع تصنيفها لدى المؤسسات والصناديق الدولية.
اكتتابات متنوعة
فخلال العام الحالي فقط، طرح السوق السعودي مجموعة من الاكتتابات المتنوعة كان آخرها اكتتاب «لوبريف» للزيوت المملوكة لـ«أرامكو» وقبلها أي منذ بداية العام الحالي نحو 13 اكتتاباً لشركات تدرج في سوق الأسهم السعودية تداول آخرها كان إصدار كابلات الرياض، وأيضاً اكتتابات أخرى لشركات مثل شركة مرافق الكهرباء والمياه بالجبيل وينبع «مرافق» وشركة العرض المتقن «توبي» وشركة الحفر العربية و شركة «نقي» للمياه وشركة «الآمار» الغذائية «الآمار» و«الخريف لتقنية المياه والطاقة».
واشترك سوقا السعودية والإمارات قبل أسابيع قليلة في تغطية اكتتاب شركة «أمريكانا» للمطاعم المملوكة لـ»أمريكانا» الكويتية التي استحوذ عليها عام 2017 ملاك من السعودية والإمارات.
إصدارات خليجية
صحيح أن السعودية والإمارات تستحوذان على نحو %97 من إجمالي الإصدارات هذا العام، لكن الدول الأخرى مثل قطر والبحرين وعمان، كان لديها إصدارات محدودة على المستوى الحكومي، كإعلان مصرف البحرين المركزي إصدار سندات تنمية حكومية بحجم يبلغ 200 مليون دينار بحريني بعائد %6.20 سنوياً، كذلك إعلان سلطنة عُمان طرح وحدتين من شركة الطاقة الحكومية «أوكيو» (OQ)، إضافة إلى شركة صناعية، للاكتتاب العام، أما قطر التي كانت غائبة خلال 2022 عن سوق الاكتتابات العامة الخليجي فقد أنجزت شركة قطر للبترول ما بين عامي 2013 إلى 2019 برنامجاً تضمن 6 اكتتابات في قطاعات البتروكيماويات والألمنيوم والوقود والناقلات والصناعة والخدمات.
غياب كويتي
وحدها الكويت كانت الغائبة عن سوق الاكتتابات الخليجية اذ لم تقدم الدولة خلال 10 سنوات إلا اكتتابين الأول لشركة البورصة، والثاني لشركة شمال الزور للطاقة مع عدد بسيط للاكتتابات الخاصة، ربما لا يتجاوز 5 اكتتابات، بعضها تراجع سعر التداول فيها أقل من سعر الاكتتاب، في حين أن الخطط الحكومية الخاصة بتأسيس شركات عامة متوافقة مع خطة التنمية، وهي مؤجلة نتيجة البيروقراطية الحكومية، يتجاوز عددها 20 شركة في قطاعات ذات قيمة مضافة للاقتصاد مثل الكهرباء والماء والشبكات الضوئية والمصافي والبتروكيماويات والبريد والتخزين والشحن والنقل والمناطق الاقتصادية والعمالية، فضلاً عن الاستثمار في القطاعات الصحية والترفيهية والاتصالات والتكنولوجيا والبيئة ومعالجة النفايات.
منافع متعددة
وفي الحقيقة، فإن الغرض من الاكتتابات العامة في سوق كالكويت لا ينحصر فقط على تحقيق المنفعة المالية للمكتتبين من المواطنين إنما أيضاً تقديم قيمة مضافة للاقتصاد من خلال شركة أو أكثر تتولى الاستثمار في قطاع معين، وتحقق من جهة فائدة للدولة من خلال حصولها على ملكية توازي 24 في المئة في الشركة الجديدة، ومن جهة أخرى تحصل الدولة أيضاً على أموال بقيم أعلى من قيمة التأسيس من المستثمر صاحب السعر الأعلى عطاءً- بعد العرض الفني- أما المستثمر فيستفيد من حصوله على فرص استثمارية على المدى الطويل ذات أرباح وعوائد، في حين تتحقق فائدة المواطنين من استثمارهم في شركات ومشاريع وعوائد سنوية وقيمة سوقية متضاعفة، إذ إن سوق الكويت المالي حسب التجارب السابقة يمكن أن يقيم الشركة العامة فور إدراجها بما لا يقل عن 4 إلى 8 أضعاف قيمة اكتتابها، كما حدث عند إدراج سهمي بورصة الكويت وشمال الزور وفي ذلك فائدة ممتازة، لكنها للاسف ضائعة للمساهمين.
تحفيز الشعبوية
ولا شك أن غياب المبادرات الاستثمارية كالاكتتابات التي يستفيد منها المواطنون هو ما يحفز المطالبات الشعبوية وأبرزها إسقاط أو شراء الدولة للقروض، فهذه الشركات ذات أثر ملموس على المواطن مباشر من ناحية العائد المالي، وغير مباشر على مستوى الخدمة، ومن ثم فإن غيابها يجعل المطالبات غير المنطقية متصدرة للمشهد العام، وهو ما يعبر بالدرجة الأولى عن فشل كبير على صعيد تقديم نماذج اقتصادية جيدة في المجتمع.
في دولة كالكويت، نحتاج إلى مبادرات جديدة بشركات تقدم خدمات للسوق وتستقطب المستثمر الأجنبي وتضمن حق الدولة وتعطي المواطنين فرصاً استثمارية في مشاريع حقيقية، وهذه كلها تتوفر في شركات المساهمة العامة التي طال انتظارها.
وحسب بيانات «بلومبرغ»، تستحوذ منطقة الخليج العربي على 50 في المئة من حجم الاكتتابات العامة في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا منذ بداية العام الحالي بقيادة كل من السعودية والإمارات، اللتين لا يكاد يمضي شهر دون طرح شركة جديدة أو قائمة للمستثمرين المحليين الأفراد والشركات المحلية والأجنبية في مختلف قطاعات الاقتصاد، سعياً لجذب رؤوس الأموال من جهة، واستقطاب الخبرات الاستثمارية وحتى التشغيلية من جهة ثانية، ناهيك عن طرح منتجات وخيارات ذات عمليات وعوائد للمتداولين في بورصات المنطقة؛ بما يعزز من جاذبيتها ويرفع تصنيفها لدى المؤسسات والصناديق الدولية.
اكتتابات متنوعة
فخلال العام الحالي فقط، طرح السوق السعودي مجموعة من الاكتتابات المتنوعة كان آخرها اكتتاب «لوبريف» للزيوت المملوكة لـ«أرامكو» وقبلها أي منذ بداية العام الحالي نحو 13 اكتتاباً لشركات تدرج في سوق الأسهم السعودية تداول آخرها كان إصدار كابلات الرياض، وأيضاً اكتتابات أخرى لشركات مثل شركة مرافق الكهرباء والمياه بالجبيل وينبع «مرافق» وشركة العرض المتقن «توبي» وشركة الحفر العربية و شركة «نقي» للمياه وشركة «الآمار» الغذائية «الآمار» و«الخريف لتقنية المياه والطاقة».
في حين طرحت أسواق الإمارات «أبوظبي - دبي» اكتتابات هذا العام جذبت أموالاً واهتمامات المستثمرين، إذ طرحت هذا العام اكتتاباً عاماً للمشغل الوحيد لمنظومة التعرفة المرورية في دبي «سالك» إلى جانب مؤسسة الإمارات لأنظمة التبريد المركزي «إمبارو» وشركة «بيانات» للابحاث وهيئة كهرباء ومياه دبي «ديوا».سوق الكويت يقيّم الشركة العامة فور إدراجها بما لا يقل عن 4 إلى 8 أضعاف قيمة اكتتابها وفي ذلك فائدة ممتازة لكنها للأسف ضائعة على المساهمين
واشترك سوقا السعودية والإمارات قبل أسابيع قليلة في تغطية اكتتاب شركة «أمريكانا» للمطاعم المملوكة لـ»أمريكانا» الكويتية التي استحوذ عليها عام 2017 ملاك من السعودية والإمارات.
إصدارات خليجية
صحيح أن السعودية والإمارات تستحوذان على نحو %97 من إجمالي الإصدارات هذا العام، لكن الدول الأخرى مثل قطر والبحرين وعمان، كان لديها إصدارات محدودة على المستوى الحكومي، كإعلان مصرف البحرين المركزي إصدار سندات تنمية حكومية بحجم يبلغ 200 مليون دينار بحريني بعائد %6.20 سنوياً، كذلك إعلان سلطنة عُمان طرح وحدتين من شركة الطاقة الحكومية «أوكيو» (OQ)، إضافة إلى شركة صناعية، للاكتتاب العام، أما قطر التي كانت غائبة خلال 2022 عن سوق الاكتتابات العامة الخليجي فقد أنجزت شركة قطر للبترول ما بين عامي 2013 إلى 2019 برنامجاً تضمن 6 اكتتابات في قطاعات البتروكيماويات والألمنيوم والوقود والناقلات والصناعة والخدمات.
غياب كويتي
وحدها الكويت كانت الغائبة عن سوق الاكتتابات الخليجية اذ لم تقدم الدولة خلال 10 سنوات إلا اكتتابين الأول لشركة البورصة، والثاني لشركة شمال الزور للطاقة مع عدد بسيط للاكتتابات الخاصة، ربما لا يتجاوز 5 اكتتابات، بعضها تراجع سعر التداول فيها أقل من سعر الاكتتاب، في حين أن الخطط الحكومية الخاصة بتأسيس شركات عامة متوافقة مع خطة التنمية، وهي مؤجلة نتيجة البيروقراطية الحكومية، يتجاوز عددها 20 شركة في قطاعات ذات قيمة مضافة للاقتصاد مثل الكهرباء والماء والشبكات الضوئية والمصافي والبتروكيماويات والبريد والتخزين والشحن والنقل والمناطق الاقتصادية والعمالية، فضلاً عن الاستثمار في القطاعات الصحية والترفيهية والاتصالات والتكنولوجيا والبيئة ومعالجة النفايات.
بل إن شركتين تم تأسيسهما بغرض طرحهما للاكتتاب العام وهما شركة أم الهيمان لمعالجة الصرف الصحي عام 2019 وتأسيس شركة مستشفيات الضمان الصحي عام 2014 لا يزال الاكتتاب فيهما معطلاً بالبيروقراطية الحكومية المعتادة.السعودية والإمارات تطلقان اكتتاباً جديداً كل شهر في مختلف قطاعات الاقتصاد
منافع متعددة
وفي الحقيقة، فإن الغرض من الاكتتابات العامة في سوق كالكويت لا ينحصر فقط على تحقيق المنفعة المالية للمكتتبين من المواطنين إنما أيضاً تقديم قيمة مضافة للاقتصاد من خلال شركة أو أكثر تتولى الاستثمار في قطاع معين، وتحقق من جهة فائدة للدولة من خلال حصولها على ملكية توازي 24 في المئة في الشركة الجديدة، ومن جهة أخرى تحصل الدولة أيضاً على أموال بقيم أعلى من قيمة التأسيس من المستثمر صاحب السعر الأعلى عطاءً- بعد العرض الفني- أما المستثمر فيستفيد من حصوله على فرص استثمارية على المدى الطويل ذات أرباح وعوائد، في حين تتحقق فائدة المواطنين من استثمارهم في شركات ومشاريع وعوائد سنوية وقيمة سوقية متضاعفة، إذ إن سوق الكويت المالي حسب التجارب السابقة يمكن أن يقيم الشركة العامة فور إدراجها بما لا يقل عن 4 إلى 8 أضعاف قيمة اكتتابها، كما حدث عند إدراج سهمي بورصة الكويت وشمال الزور وفي ذلك فائدة ممتازة، لكنها للاسف ضائعة للمساهمين.
تحفيز الشعبوية
ولا شك أن غياب المبادرات الاستثمارية كالاكتتابات التي يستفيد منها المواطنون هو ما يحفز المطالبات الشعبوية وأبرزها إسقاط أو شراء الدولة للقروض، فهذه الشركات ذات أثر ملموس على المواطن مباشر من ناحية العائد المالي، وغير مباشر على مستوى الخدمة، ومن ثم فإن غيابها يجعل المطالبات غير المنطقية متصدرة للمشهد العام، وهو ما يعبر بالدرجة الأولى عن فشل كبير على صعيد تقديم نماذج اقتصادية جيدة في المجتمع.
في دولة كالكويت، نحتاج إلى مبادرات جديدة بشركات تقدم خدمات للسوق وتستقطب المستثمر الأجنبي وتضمن حق الدولة وتعطي المواطنين فرصاً استثمارية في مشاريع حقيقية، وهذه كلها تتوفر في شركات المساهمة العامة التي طال انتظارها.