واصل النشاط الاقتصادي النمو بوتيرة جيدة في الربع الثالث من 2022 والفترة التي تلت ذلك خلال الربع الحالي، بدعم من الإنفاق الاستهلاكي القوي، ونمو المبيعات العقارية والائتمان، فضلاً عن تزايد إنتاج النفط. إلا أن الاتجاه العام للنمو خلال النصف الثاني من العام يتسم باعتدال نسبي، نظراً لتلاشى التحسن الناجم عن الطلب المكبوت بعد الجائحة وعودة النمو إلى المستويات الاعتيادية.

وحسب تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، فإن التضخم - الذي بقي أقل بكثير من المعدلات المرتفعة المسجلة في الولايات المتحدة وأوروبا - قد هدأت وتيرته، إذ تلاشت اضطرابات سلاسل التوريد، وانخفضت أسعار المواد الغذائية والسلع المستوردة مقارنةً بأعلى مستوياتها المسجلة في وقت سابق من العام الحالي.

Ad

كما أن البيئة النقدية الأكثر تشدداً أصبحت أيضاً من أبرز العوامل المسيطرة على المشهد المحلي، إذ قام بنك الكويت المركزي برفع سعر الخصم، وإن كان بوتيرة تدريجية لمستويات عام 2009، وذلك في إطار سياساته الهادفة للاتساق مع دورة تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة.

كما كانت السياسة المالية أيضاً داعمة للنشاط الاقتصادي. ومع تشكيل حكومة جديدة والانتخابات الأخيرة لمجلس الأمة في سبتمبر الماضي، تمت الموافقة في نهاية المطاف على ميزانية توسعية معتدلة للسنة المالية الحالية (السنة المالية 2022/ 2023)، بعد إجراء بعض التعديلات على بنود الانفاق في اللحظات الأخيرة.

وفي ظل تزايد المخاوف بشأن آفاق نمو الاقتصاد العالمي، تراجعت أسعار النفط مقارنة بأعلى مستوياتها المسجلة في وقت سابق من العام الحالي، إلا ان الأسعار ارتفعت بمستويات كافية منذ بداية العام الحالي حتى تاريخه، بما يسمح بتسجيل الميزانية أول فائض مالي منذ عام 2014.

الطلب المكبوت

كان الإنفاق الاستهلاكي من أبرز الركائز الرئيسية التي ساهمت في نمو القطاع غير النفطي منذ الجائحة، إذ ارتفع الإنفاق، وفقاً لمعاملات بطاقات السحب الآلي والبطاقات الائتمانية بصفة عامة بنسبة 34 بالمئة عام 2021 وذلك بعد الأداء الضعيف الذي شهده خلال عام 2020، لكنه بقي معتدلاً منذ ذلك الحين، مع تلاشي تأثير الطلب المكبوت وارتفاع تكاليف الاقتراض، إذ تباطأت وتيرة النمو المسجلة إلى 16.8 بالمئة على أساس سنوي في الربع الثالث من عام 2022، إلا أنه على أساس ربع سنوي، تراجع بنسبة 0.3 بالمئة للمرة الأولى منذ الربع الثاني من عام 2020.

وعلى الرغم من توقّع استمرار تراجع معدلات النمو عام 2023، فإن النشاط الاستهلاكي سيبقى قوياً بفضل السياسة المالية التوسعية التي تتبناها الحكومة في ظل ارتفاع أسعار النفط، ونمو سوق العمل بوتيرة ثابتة.

هدوء وتيرة التضخم

تباطأت وتيرة مؤشر أسعار المستهلكين مقارنة بمستويات الذروة المسجلة في أبريل الماضي بارتفاع 4.7 بالمئة على أساس سنوي، إذ وصل إلى 3.2 بالمئة في نوفمبر. وانخفض التضخم الأساسي (الذي يستثنى أسعار المواد الغذائية والسكن) بوتيرة أكثر حدة إلى 2.6 مقابل 4.8 بالمئة في أبريل.

وتعزى الانخفاضات لمجموعة من العوامل تضمنت تلاشي تأثيرات فترة المقارنة المتدنية، خاصة بالنسبة لقطاع التعليم، وتراجع نمو الطلب الاستهلاكي وتخفيف اختناقات سلاسل التوريد. وكان ضعف الطلب العالمي أيضاً من ضمن العوامل التي ساهمت في تراجع معدلات التضخم، مما أدى إلى انخفاض أسعار المواد الغذائية الدولية (انخفض مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الأغذية بنسبة 16 بالمئة خلال الفترة الممتدة بين شهري مارس وأكتوبر).