هل يصطف حلفاء واشنطن معها في الملف الصيني؟
وصل الرئيس الأميركي جو بايدن إلى سدة الرئاسة بعد تعهده بأن تبدأ إدارته بإصلاح عادات التعاون، وتعيد بناء قوة التحالفات الديموقراطية التي ضعفت في السنوات القليلة الماضية بسبب الإهمال، أو حتى سوء استعمال السلطة، كما يقول بايدن.
كان بايدن يُلمِح بكلامه إلى عهد الرئيس دونالد ترامب الذي تكلم عن استغلال الحلفاء للولايات المتحدة وفرض عليهم العقوبات، فارتاحت الحكومات الحليفة من جهتها حين سمعت رئيساً أميركياً وهو يعتبر «تحالفات الولايات المتحدة أكبر ميزة للبلد»، حتى أنه اعتبر قيادة العالم عن طريق الدبلوماسية مرادفة للتكاتف مع الحلفاء والشركاء الأساسيين مجدداً.
لكن تتعرض إدارة بايدن للانتقادات بسبب جهود التنسيق والمشاورات التي يُفترض أن تأخذ مخاوف الحلفاء بالاعتبار، فعبّر الحلفاء مثلاً عن قلقهم من السياسة الصناعية الأميركية وقيود التصدير المستجدة.
بالنسبة إلى عدد كبير من الحكومات المتحالفة مع الولايات المتحدة، تتعلق المشكلة الأساسية بالنزعات الحمائية التي ترتكز عليها القوانين الجديدة، فهي تعطي الأولوية للشركات الأميركية على حساب الشركات الأجنبية، سواء وجدت الأطراف المنافِسة في الصين، أو أوروبا، أو كوريا الجنوبية، أو أماكن أخرى.
واجهت إدارة بايدن المشاكل أيضاً حين حاولت منع جميع الشركات من تصدير التكنولوجيا إلى الصين إذا كانت تستعمل التقنيات الأميركية. يبدو أن قيود التصدير الصارمة التي صدرت في أكتوبر ستحرم الصين من تلقي التقنيات المستعملة لتصنيع أشباه الموصلات المتطورة وحتى النماذج السابقة، وتهدف هذه التدابير إلى كبح محاولات الصين لمواكبة العصر والتحول إلى دولة رائدة عالمياً في هذا القطاع الأساسي.
لكن قد تُهدد القيود الصارمة الوضع الاقتصادي في عدد من أهم الدول الشريكة للولايات المتحدة، وتُعتبر أشباه الموصلات مثلاً من أهم السلع التي تُصدّرها كوريا الجنوبية، وتبقى الصين أكبر سوق تصدير لها، ففي نوفمبر، وهو أول شهر بعد فرض القيود الأميركية الجديدة، تراجعت صادرات كوريا الجنوبية إلى الصين بنسبة أكبر من 25%، وهو أسوأ انخفاض منذ عام 2009.
في هولندا، تُعتبر شركة ASML لاعبة أساسية في سوق أشباه الموصلات العالمية، فهي تُصنّع الآلات المستعملة لإنتاج الرقائق المتقدمة، حيث بدأت إدارة بايدن تضغط على الحكومة الهولندية لجعل الشركة تلتزم بقيود التصدير التي فرضتها، مما دفع وزير التجارة الخارجية الهولندي إلى التأكيد على عدم التزام هولندا بالتدابير الأميركية بحذافيرها. وحتى تايوان، التي تعتبر الصين تهديداً وجودياً عليها، تحمل مخاوف من المحاولات الأميركية الرامية إلى تعديل قطاع أشباه الموصلات، وتنتج «شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات» معظم الرقائق المتقدمة في العالم، وقد تعهدت الحكومة التايوانية بأن يلتزم هذا النوع من الشركات بالقواعد الأميركية الجديدة، لكنها أطلقت هذا الموقف على مضض وحذرت من التداعيات الاقتصادية المترتبة على تايوان في المرحلة اللاحقة. في هذه الحالات كلها، يشعر الحلفاء بأن واشنطن لا تأخذ مخاوفهم بالاعتبار بل تعتبرها مسائل ثانوية، وتزامناً مع المفاوضات الشاقة حول قانون الرقائق وخفض التضخم محلياً، لم يتشاور أحد مع حلفاء واشنطن وشركائها، مما أدى إلى نشوء عواقب سلبية غير مقصودة في تلك البلدان، وفي هذا السياق، قال بايدن خلال مؤتمره الصحافي المشترك مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: «حين كتبتُ التشريع، لم أكن أقصد إقصاء الأطراف التي تتعاون معنا».
أطلق بايدن وعوداً معيّنة لنظيرَيه الفرنسي والكوري الجنوبي وتعهد بمعالجة مخاوفهما، لكن لم يتّضح بعد ما ينوي فعله لتحقيق هذه الغاية بعد تمرير القوانين الشائكة.
لم تفكر إدارة بايدن على الأرجح بعقد مشاورات مكثفة مع شركاء واشنطن حول تشريعٍ يُركّز ظاهرياً على الشؤون الداخلية، لكن التحديات المعقدة التي تطرحها الصين (لا تقتصر على مجال الأمن القومي التقليدي بل تشمل أيضاً عالم الأمن الاقتصادي الجديد) تعني أن أي رد من بكين في أحد المجالات قد يعطي آثاراً متوسعة في بلدان أخرى، وعلى الإدارة الأميركية التي وصلت إلى السلطة وهي تجاهر باستعدادها للتشاور مع الشركاء أن تدرك ردود أفعال العواصم الأجنبية على الجهود التي تبذلها محلياً.
* شانون تيزي
كان بايدن يُلمِح بكلامه إلى عهد الرئيس دونالد ترامب الذي تكلم عن استغلال الحلفاء للولايات المتحدة وفرض عليهم العقوبات، فارتاحت الحكومات الحليفة من جهتها حين سمعت رئيساً أميركياً وهو يعتبر «تحالفات الولايات المتحدة أكبر ميزة للبلد»، حتى أنه اعتبر قيادة العالم عن طريق الدبلوماسية مرادفة للتكاتف مع الحلفاء والشركاء الأساسيين مجدداً.
لكن تتعرض إدارة بايدن للانتقادات بسبب جهود التنسيق والمشاورات التي يُفترض أن تأخذ مخاوف الحلفاء بالاعتبار، فعبّر الحلفاء مثلاً عن قلقهم من السياسة الصناعية الأميركية وقيود التصدير المستجدة.
بالنسبة إلى عدد كبير من الحكومات المتحالفة مع الولايات المتحدة، تتعلق المشكلة الأساسية بالنزعات الحمائية التي ترتكز عليها القوانين الجديدة، فهي تعطي الأولوية للشركات الأميركية على حساب الشركات الأجنبية، سواء وجدت الأطراف المنافِسة في الصين، أو أوروبا، أو كوريا الجنوبية، أو أماكن أخرى.
واجهت إدارة بايدن المشاكل أيضاً حين حاولت منع جميع الشركات من تصدير التكنولوجيا إلى الصين إذا كانت تستعمل التقنيات الأميركية. يبدو أن قيود التصدير الصارمة التي صدرت في أكتوبر ستحرم الصين من تلقي التقنيات المستعملة لتصنيع أشباه الموصلات المتطورة وحتى النماذج السابقة، وتهدف هذه التدابير إلى كبح محاولات الصين لمواكبة العصر والتحول إلى دولة رائدة عالمياً في هذا القطاع الأساسي.
لكن قد تُهدد القيود الصارمة الوضع الاقتصادي في عدد من أهم الدول الشريكة للولايات المتحدة، وتُعتبر أشباه الموصلات مثلاً من أهم السلع التي تُصدّرها كوريا الجنوبية، وتبقى الصين أكبر سوق تصدير لها، ففي نوفمبر، وهو أول شهر بعد فرض القيود الأميركية الجديدة، تراجعت صادرات كوريا الجنوبية إلى الصين بنسبة أكبر من 25%، وهو أسوأ انخفاض منذ عام 2009.
في هولندا، تُعتبر شركة ASML لاعبة أساسية في سوق أشباه الموصلات العالمية، فهي تُصنّع الآلات المستعملة لإنتاج الرقائق المتقدمة، حيث بدأت إدارة بايدن تضغط على الحكومة الهولندية لجعل الشركة تلتزم بقيود التصدير التي فرضتها، مما دفع وزير التجارة الخارجية الهولندي إلى التأكيد على عدم التزام هولندا بالتدابير الأميركية بحذافيرها. وحتى تايوان، التي تعتبر الصين تهديداً وجودياً عليها، تحمل مخاوف من المحاولات الأميركية الرامية إلى تعديل قطاع أشباه الموصلات، وتنتج «شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات» معظم الرقائق المتقدمة في العالم، وقد تعهدت الحكومة التايوانية بأن يلتزم هذا النوع من الشركات بالقواعد الأميركية الجديدة، لكنها أطلقت هذا الموقف على مضض وحذرت من التداعيات الاقتصادية المترتبة على تايوان في المرحلة اللاحقة. في هذه الحالات كلها، يشعر الحلفاء بأن واشنطن لا تأخذ مخاوفهم بالاعتبار بل تعتبرها مسائل ثانوية، وتزامناً مع المفاوضات الشاقة حول قانون الرقائق وخفض التضخم محلياً، لم يتشاور أحد مع حلفاء واشنطن وشركائها، مما أدى إلى نشوء عواقب سلبية غير مقصودة في تلك البلدان، وفي هذا السياق، قال بايدن خلال مؤتمره الصحافي المشترك مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: «حين كتبتُ التشريع، لم أكن أقصد إقصاء الأطراف التي تتعاون معنا».
أطلق بايدن وعوداً معيّنة لنظيرَيه الفرنسي والكوري الجنوبي وتعهد بمعالجة مخاوفهما، لكن لم يتّضح بعد ما ينوي فعله لتحقيق هذه الغاية بعد تمرير القوانين الشائكة.
لم تفكر إدارة بايدن على الأرجح بعقد مشاورات مكثفة مع شركاء واشنطن حول تشريعٍ يُركّز ظاهرياً على الشؤون الداخلية، لكن التحديات المعقدة التي تطرحها الصين (لا تقتصر على مجال الأمن القومي التقليدي بل تشمل أيضاً عالم الأمن الاقتصادي الجديد) تعني أن أي رد من بكين في أحد المجالات قد يعطي آثاراً متوسعة في بلدان أخرى، وعلى الإدارة الأميركية التي وصلت إلى السلطة وهي تجاهر باستعدادها للتشاور مع الشركاء أن تدرك ردود أفعال العواصم الأجنبية على الجهود التي تبذلها محلياً.
* شانون تيزي