تفيد التقارير بأن تايلند دعت الأعضاء المهتمين في رابطة دول جنوب شرق آسيا إلى المشاركة في اجتماع تشاوري لمعالجة الأزمة السياسية في ميانمار، ووفق تقرير نشرته شبكة «ثاي بي بي سي»، حصل اللقاء التشاوري المفتوح حول الوضع في ميانمار في 22 ديسمبر، ونُسِبَت تلك المقالة إلى «مصدر مطّلع» واحد ينتمي إلى وزارة الخارجية التايلندية، حيث وَصَف هذا المصدر اللقاء «بالمبادرة التايلندية التي تهدف إلى تحديث وتبادل الآراء بطريقة غير رسمية بين الزملاء المهتمين بأزمة ميانمار والمتأثرين بها».
تذكر المقالة نفسها أيضاً أن الهدف النهائي من الاجتماع يتعلق «بتنسيق جهود الدول لإعادة إرساء الوضع الطبيعي في ميانمار وتحقيق طموحات شعبها»، لكن لم تُحدد المصطلحات المستعملة في المقالة وتعليقات المصدر المطّلع الدول التي شاركت، ونقلت شبكة «ثاي بي بي سي» معلومات من المصدر المطّلع حول حضور الدول المجاورة لتايلند، ومنها كمبوديا ولاوس، لأنها تتأثر بأزمة ميانمار بطرقٍ مباشرة وغير مباشرة، ولم يكشف ذلك المصدر عدد الأعضاء المشاركين من رابطة دول جنوب شرق آسيا، مما يوحي بأن بلداناً أخرى شاركت أيضاً.
واتّضحت في المقابل حدود الاجتماع، فعلى عكس الاجتماعات الرفيعة المستوى التي نظمتها رابطة دول جنوب شرق آسيا حديثاً، شارك وزير الخارجية التابع للمجلس العسكري، وونا مونغ لوين، في اللقاء، وهذه المشاركة وحدها تضمن أن يحرز اللقاء تقدماً محدوداً حول الصراع السياسي المتفاقم في ميانمار: يدور الصراع بين الإدارة العسكرية من جهة وحكومة الوحدة الوطنية المعارِضة وحلفائها من جهة أخرى، وفي غضون ذلك اتخذ الحاضرون مواقف ضعيفة من انقلاب الجيش في فبراير 2021 ولجوء المجلس العسكري إلى العنف في المرحلة اللاحقة.
هذا الوضع ينطبق على تايلند أيضاً، ومن المنطقي أن تضطلع بانكوك بدور أكثر فاعلية لمعالجة الصراعات القائمة في ميانمار، لأن البلدين يتقاسمان حدوداً ممتدة على 2416 كيلومتراً ولطالما وصلت شرارة الصراع داخل ميانمار إلى هذه المساحة.
لكن لم تُطرَح سياسة قوية للتعامل مع حكومة المجلس العسكري، رغم تعرّض تايلند على تداعيات غير مألوفة بسبب الاضطرابات التي شهدها البلد بعد الانقلاب، فقد حاولت الدول البحرية في جنوب شرق آسيا، لا سيما ماليزيا، وإندونيسيا، وسنغافورة، تشجيع رابطة دول جنوب شرق آسيا على إقناع المجلس العسكري بالالتزام بالإجماع المؤلف من خمس نقاط (أو ربما التخلي عنه بالكامل وتبنّي مقاربة مختلفة)، ودعمت تايلند مقاربة دبلوماسية أكثر هدوءاً، فالتزمت الصمت رغم حملات القمع الوحشية التي أطلقها جيش ميانمار ضد المحتجين المعارضين للانقلاب وزعزعة استقرار المناطق التي تحدّ تايلند مباشرةً.
يمكن إطلاق أي تواصل براغماتي في الزمان والمكان المناسبَين، لكن لن يتمكن أي لقاء يشارك فيه المجلس العسكري من تحسين وضع البلد، حتى أنه قد يزيده سوءاً، فمن خلال تنظيم اجتماع خاص بوضع ميانمار، مهما كان مفتوحاً وغير رسمي، يصعب أن نعتبر قرار تايلند رفضاً للموقف المتشدد المحتمل الذي ستتخذه إندونيسيا، رئيسة رابطة دول جنوب شرق آسيا المرتقبة، تجاه العضو الذي يطرح مشكلة دائمة في عام 2023.
* سيباستيان سترانجيو