«المركزي»: نهجنا متدرج في تحريك سعر الخصم
• كي لا يؤدي إلى إحداث تقلبات شديدة في أسعار الفائدة
• نراعي كلفة اتخاذ القرارات على قطاعات الاقتصاد المحلي
على أثر الجهود المتواصلة لبنك الكويت المركزي، وفي دلالة على مدى فاعلية سياساته، حصد أداء «المركزي» إشادات الجهات العالمية المختصة، مثل وكالات التصنيف الائتمانية العالمية، وصندوق النقد الدولي، منوهة باحترافية توظيف البنك أدوات السياسة النقدية والسياسة الرقابية ونجاح إجراءاته الاستباقية في ترسيخ الاستقرار النقدي والاستقرار المالي، وهو ما توج في بيان المشاورات الدورية التمهيدية لصندوق النقد الدولي مع الكويت لعام 2022.
وقال «المركزي»، في بيان أمس، بشأن تطورات سياسته النقدية خلال عام 2022، إن البنوك المركزية حول العالم تقوم بتصميم سياستها النقدية واتخاذ قراراتها وفقاً للاعتبارات الفنية، ومعطيات الاقتصاد المحلي لمعالجة ما قد يشهده الاقتصاد من اختلالات، إذ إن مهمة البنوك المركزية الرئيسية عادة تتمثل في تحقيق الاستقرار النقدي والمالي والحفاظ على قيمة العملة واستقرار الأسعار والتوظف الكامل وبما يحقق النمو الاقتصادي المستدام.
وأوضح أن هناك نوعين من السياسة النقدية التي يمكن أن تتبعهما السلطة النقدية في الدولة وهما: السياسات النقدية التوسعية Expansionary Monetary Policy»، وهي الإجراءات التي تتبعها السلطة النقدية وتؤدي إلى زيادة حجم المعروض النقدي وحجم أساسا الائتمان.
نعمل على الحد من الانعكاسات السلبية لوجود هوامش غير مبررة ما بين الفائدة على الدينار والعملات العالمية
والسياسات النقدية الانكماشية «Deflationary Monetary Policy»، وتعرف بسياسات ضغط الائتمان أو الحد من الائتمان من أجل تخفيض الطلب الكلي، وذلك بهدف السيطرة على التضخم.
وأضاف أنه ضمن محاولات البنوك المركزية لتحقيق استقرار مستويات الأسعار والسيطرة على معدلات التضخم التي جاوزت مستوياتها المسجلة خلال عدة عقود سابقة، أصبحت السياسات النقدية الأكثر المسيطرة على المشهد العالمي، وهو ما أدى إلى إصدار صندوق النقد الدولي توقعاته بأن يبلغ معدل التضخم العالمي 8.8% عام 2022 مقابل 4.7 في المئة عام 2021، ولعل الفاحص أو المتتبع للمشهد الاقتصادي الكويتي يرى أن السياسة النقدية لبنك الكويت المركزي متسقة مع تشدد السياسة النقدية السائدة لدى أغلب البنوك المركزية في دول العالم المختلفة.
التطورات الجيوسياسية
وأكد «المركزي» أنه يتخذ قراراته في ضوء متابعته الحثيثة والمستمرة لكل التطورات والمؤشرات الاقتصادية والنقدية في الأسواق الدولية والتطورات الجيوسياسية وأثرها على الأوضاع الاقتصادية العالمية، ووسط ما تفرضه هذه التطورات وتداعياتها من ضرورة استجابة السياسات بحسب مقتضيات وظروف كل اقتصاد، أخذا في الاعتبار طبيعة اقتصاد دولة الكويت.
وفي هذا الإطار، وبمناسبة نهاية عام 2022، يود البنك المركزي توضيح التالي:
أولاً: بيئة العمل التشغيلية ومرتكزات عملية اتخاذ قرارات بنك الكويت المركزي
• من المفيد بيان بعض السمات الهيكلية للاقتصاد المحلي، التي تشكل البيئة الاقتصادية التشغيلية التي تعمل في إطارها أدوات وأهداف السياسة النقدية ل»المركزي»، ومن أبرزها صغر حجم الاقتصاد الكويتي وتأثره بما يستجد في الأسواق العالمية، وحرية حركة رؤوس الأموال مع العالم الخارجي، والانفتاح على العالم الخارجي من حيث الاعتماد على الإيرادات النفطية كمصدر رئيسي للإيرادات العامة للدولة، علاوة على الاعتماد على الواردات من العالم الخارجي للوفاء بجزء مهم من الاحتياجات المحلية من السلع والخدمات.
سعر الخصم ليس الوحيد لدى «المركزي» في تعاملاته المالية مع البنوك المحلية ولا يُعتبر الوحيد في تنظيم مستويات السيولة
• ترتكز السياسة النقدية ل«المركزي» على ما ورد في القانون رقم 32 لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة المصرفية، في العمل على تأمين ثبات النقد الكويتي، وعلى حرية تحويله إلى العملات الأجنبية الأخرى، والعمل على توجيه سياسة الائتمان بما يُساعد على التقدم الاقتصادي والاجتماعي وزيادة الدخل القومي.
ويسعى «المركزي» في مجال رسم وتنفيذ السياسة النقدية إلى اتخاذ قراراته وفقاً لأطر مؤسسية وفي ضوء التوقعات الخاصة بالاقتصاد الكويتي بما يتوافر لديه من آليات ونماذج للتنبؤ بالمؤشرات الاقتصادية، في إطار النهج المتوازن من خلال ضبط المتغيرات والمجاميع النقدية المرتبطة بتنامي معدلات الطلب المحلي والسيولة والائتمان، وبما يعزز من دعائم الاستقرار النقدي والمساهمة بالتالي في الحد نسبياً من الضغوط التضخمية وتحقيق الاستقرار النسبي في المستوى العام للأسعار المحلية في البلاد، وبما يُساعد على الحفاظ على الدخل المتاح للأفراد، وذلك دون إبطاء معدلات النمو الاقتصادي والخطط التنموية للدولة، وعدم الإخلال بنمو الودائع.
• العمل على اتساق أسعار الفائدة المحلية مع اتجاهات أسعار الفائدة على العملات العالمية الرئيسية، والحد من أية انعكاسات سلبية على الاقتصاد المحلي قد تنشأ نتيجة لوجود هوامش غير مبررة فيما بين أسعار الفائدة على الدينار الكويتي وأسعار الفائدة على العملات العالمية. وعلى النحو الذي يحافظ على جاذبية وتنافسية العملة الوطنية كوعاء للمدخرات المحلية مقابل العملات الأخرى، وما يشكله ذلك من مساهمة في زيادة توطين الدينار الكويتي وتعزيز قدرة البنوك المحلية على تلبية الاحتياجات التمويلية لعملائها.
• يتخذ «المركزي» النهج المتدرج في تحريك سعر الخصم وبما لا يؤدي إلى إحداث تقلبات شديدة في أسعار الفائدة، ومراعاة كُلفة اتخاذ القرارات على قطاعات الاقتصاد المحلي، وعلى الرغم من أن سعر الخصم في الكويت سعر محوري ترتبط به ضمن هوامش محددة الحدود القصوى لأسعار الفائدة على القروض بالدينار. ويترتب على ذلك أن الحدود القصوى لأسعار الفائدة على القروض والتسهيلات الائتمانية بالدينار التي تقدمها وحدات القطاع المصرفي والمالي المحلي ترتفع أو تنخفض بمقدار الزيادة أو التخفيض في سعر الخصم المعلن من بنك الكويت المركزي.
إلا أن سعر الخصم ليس سعر الفائدة الوحيد لدى «المركزي» في تعاملاته المالية مع البنوك المحلية، ولا يُعتبر سعر التدخل الوحيد من جانب «المركزي» في تنظيم مستويات السيولة في القطاع المصرفي. لذلك فإنه من المناسب عند النظر إلى معدل سعر الخصم المعلن من «المركزي» ومقارنته مع أسعار فائدة البنوك المركزية في الدول الأخرى، أن تتم تلك المقارنة على أسس النظر إلى تماثل الدور الذي تلعبه أسعار الفائدة الرسمية في كل من تلك الدول.
التضخم الخارجي
• وعموما، تُشير البيانات المتاحة في البيان التالي إلى أن معدلات التضخم في العديد من الاقتصادات الرئيسية تفوق أسعار الفائدة الرئيسية. وعلى سبيل المثال، يفوق معدل التضخم في الولايات المتحدة الأميركية معدل الأموال الفدرالية بمقدار 2.60% (معدل الأموال الفدرالية «Federal Funds Rate» هو معدل الفائدة على القروض قصيرة الأجل الذي تقدمه مؤسسات الإيداع «المصارف والاتحادات «الائتمانية من أرصدتها الاحتياطية لمؤسسات الإيداع الأخرى). في حين يقل معدل التضخم في دولة الكويت عن سعر الخصم بمقدار 0.32%، وإذا ما تم الأخذ بسعر الفائدة على الإقراض لكل من سعر الفائدة على القروض الاستهلاكية والمقسطة «الإسكانية»، ومعاملات الإقراض التجارية التي تزيد مدتها على سنة على سبيل المثال، فإن معدل التضخم يقل بنسبة أكبر بمقدار 3.32,4.32% على ذات الترتيب.
ثانياً: قرارات «المركزي» خلال عام 2022
استمراراً لمساعي «المركزي» الرامية إلى تعزيز ممارسات الإفصاح والشفافية التي دأب على اتباعها في كل أعماله بصفة عامة، وقراراته الخاصة بالسياسة النقدية بصفة خاصة، حيث أعلن البنك بوضوح الأهداف التي يعمل على تحقيقها والأسس التي استند عليها في اتخاذ قرارته، من خلال إصدار سبع بيانات صحافية تخص قرارات سعر الخصم في عام 2022 تم نشرها على موقعه الإلكتروني.
متوسطات أسعار الفائدة على ودائع العملاء |
في ظل قرارات السياسة النقدية لبنك الكويت المركزي منذ مارس 2022 شهدت متوسطات أسعار الفائدة على ودائع العملاء لأجل بالدينار الكويتي لدى البنوك المحلية ولجميع الآجال ارتفاعًا ملحوظاً. حيث بلغ سعر الفائدة على ودائع العملاء لأجل شهر بالدينار الكويتي بالمتوسط نحو 3.285% في نوفمبر 2022 مقابل 1.022% في مارس 2022، ونحو 3.916% للودائع لأجل 3 أشهر في نوفمبر 2022 مقابل 1.166% في مارس 2022. وفي ذات الاتجاه، ارتفعت متوسطات أسعار الفائدة على ودائع العملاء بالدولار الأميركي لجميع الآجال خلال الفترة المشار إليها لتصل الفائدة على الودائع لأجل شهر إلى نحو 2.677% في نوفمبر 2022 مقابل 0.242% في مارس 2022، ونحو 3.146% للودائع لأجل 3 أشهر في نوفمبر 2022 مقابل 0.412% في مارس 2022. |
انخفاض الهوامش
انخفضت الهوامش القائمة بين أسعار الفائدة على الودائع لكل من الدينار الكويتي والدولار الأميركي المذكورة مع بقائها لمصلحة الودائع بالدينار الكويتي خلال الفترة من مارس نوفمبر 2022، حيث بلغ الهامش القائم بين متوسطات أسعار الفائدة على ودائع العملاء لدى البنوك المحلية بكلّ من الدينار الكويتي والدولار الأميركي للودائع لأجل شهر نحو 0.608 نقطة مئوية في نوفمبر، 2022 مقابل نحو 0.758 نقطة مئوية في مارس 2022 كما انخفض الهامش للودائع لأجل 3 أشهر في نوفمبر 2022 ليصل إلى نحو 0.770 نقطة مئوية، مقابل نحو 0.806 نقطة مئوية في مارس 2022.
تُشير البيانات المصرفية إلى استقرار الهامش المسجل بين المتوسطات المرجحة لأسعار الفائدة على الأرصدة القائمة لكلّ من الودائع لأجل بالدينار الكويتي لدى البنوك المحلية والتسهيلات الائتمانية (للمقيمين وغير المقيمين حيث بلغ المتوسط المرجح لأسعار الفائدة على أرصدة ودائع القطاع الخاص بالدينار الكويتي لدى البنوك المحلية نحو 2.021% في نوفمبر 2022 مقارنة بنحو 1.399 في مارس 2022، كما بلغ المتوسط المرجح لأسعار الفائدة على الأرصدة القائمة للتسهيلات الائتمانية بالدينار الكويتي لدى البنوك المحلية نحو 4.239% في نوفمبر 2022 مقابل 3.657% في مارس 2022.
التسهيلات والودائع
ارتفعت التسهيلات الائتمانية المقدمة للمقيمين من نحو 42.8 مليار دينار في نهاية نوفمبر 2021 إلى نحو 46.9 مليار دينار بزيادة سنوية قدرها 4.1 مليارات دينار، أي بنسبة نمو سنوي 9.5% في نهاية نوفمبر 2022.
وارتفعت ودائع القطاع الخاص المقيم بالدينار الكويتي من نحو 32.9 مليار دينار في نهاية نوفمبر 2021 إلى نحو 34.9 مليون دينار بارتفاع قيمته 2.0 مليار دينار أو ما نسبته 6.0% في نهاية نوفمبر 2022.
السياسات التحوطية والسلامة المالية |
من الأهمية أن نُشير إلى السياسات التحوطية التي ينتهجها البنك المركزي والسياسات الرقابية الحصيفة التي تأخذ بالاعتبار النظرة المستقبلية والإجراءات الاحترازية، حيث استطاع «المركزي» توجيه البنوك لتعزيز مصداتها المالية وتحصين القطاع المصرفي لزيادة قدرته على مقاومة الصدمات الخارجية بحيث يظل قادراً على مواصلة خدمة الاقتصاد الوطني بكفاءة عالية حتى في ظل أوضاع ضاغطة، وهو ما تؤكده مؤشرات السلامة المالية للبنوك الكويتية كما في نهاية سبتمبر 2022 من قوة وسلامة أوضاعها المالية والمتمثلة في المعدلات العالية لكل من معيار كفاية رأس المال (18.0%)، ومعيار تغطية السيولة (162.3%) ومعيار صافي التمويل المستقر (112.5%)، وبنسب تفوق متطلبات الحدود الدنيا لهذه الضوابط الرقابية كما تحددها التعليمات الصادرة عن بنك الكويت المركزي، ويدعم هذه المؤشرات معايير جودة الأصول حيث حافظت نسبة القروض غير المنتظمة على مستواها الأدنى تاريخياً والبالغ 1.5%. |
تباطؤ معدل التضخم
استمر تباطؤ معدل التضخم في دولة الكويت على أساس سنوي، إذ تراجع من نحو 4.71% في شهر أبريل 2022 ليبلغ نحو 3.18% في شهر نوفمبر 2022. وفي مقابل ذلك، ما زالت العديد من الاقتصادات العالمية ومن بينها معظم اقتصادات دول المنطقة تُظهر اتجاه متصاعد للتضخم خلال نفس الفترة.