معظمنا سيمارس الإفتاء في الأيام القليلة القادمة، وسيطرح سؤال المليون: هل نهنئ إخواننا المسيحيين بالكريسماس أم لا؟ بعدها سنكمل النقاش حول قرار وزير الصحة بشأن رفع رسوم الأدوية للوافدين، وفي الطريق إلى ذلك سيتقدم بعض النواب بأسئلة برلمانية للوزراء المختصين حول أشجار موجودة في بعض المجمعات التجارية، وقليلاً من الحديث حول البادل واليوغا والمساج والرقص الشرقي، وستكمل المهمة في إعطاء لمحة عن أولويات بعض نواب مجلس الأمة الموقرين.
يعلم الله أنني أقدر جميع وجهات النظر ولا أستهزئ بهذا الطرح، فنحن بلد مسلم محافظ والنواب معنيون بالدفاع عن قيم المجتمع كل حسب اجتهاده، لكن ماذا عن المواضيع الأكثر أهمية؟ وهل المطلوب أن يتناسى نوابنا قضية الشهادات المزورة لأنها صارت الطريق الأسرع لبعض الناخبين في الترقي في وظائفهم؟ وماذا عن تنويع مصادر الدخل؟ ولماذا لم نستغل الفوائض المالية التي نتجت عن ارتفاع أسعار النفط منذ عام 2003؟ ومن يتحمل نتيجة هذه الكارثة؟ وماذا عن مستوى التعليم بشقية الجامعي والعام؟ وهل يعقل أن نصمت عن تأخر تصنيف جامعة الكويت لهذا القدر؟
أكرر لا أقلل من مطالبات بعض النواب بالدفاع عن القيم، لكن هذه القيم لا تختزل بشارة مثليين أو اختلاط بجامعة للدراسة أو بادل أو غيرها من المواضيع التي بدأنا نألف سماعها في السنوات الأخيرة، بل تتعداها لتشمل الأسئلة الأصعب المتعلقة بالدفاع عن المال، والحديث عن المال العام، لماذا لا يسأل هؤلاء: أين وصل التحقيق بالصندوق الماليزي أو غيرها من قضايا المال العام التي من الواضح أنها ستتحول إلى قضايا مزمنة ستستمر عقوداً من الزمن؟!
لن أكرر المقارنة بدول الجوار فقد مللت من ذلك، ويعلم الله أنني ما زلت كمواطن أحفظ النعم، وأقول دائماً وأبداً: الحمد لله على نعمة الكويت، ولكن هذه النعمة تحتاج حمداً، والحمد يعني العمل بجد واجتهاد للحاق بالركب وطرح القضايا الرئيسة كتنويع مصادر الدخل وإصلاح الدورة المستندية، وإصلاح النظام التعليمي، وغيرها من القضايا الرئيسة، بدل التلهي بشجرة كريسماس أو تهنئة لصديق مسيحي، أو لعبة بادل، أو حتى لوم الوافدين والتنمر عليهم وتحميلهم كل إخفاقاتنا، لأننا لا نملك الجرأة في أن نقول للمتخلف إنه متخلف، أو للحرامي إنه حرامي، لمجرد أنه يلبس «بشتاً».
فهل وصلت الرسالة؟ آمل ذلك!