شهدت الكويت خلال الشهرين الماضيين موجة من الاستقالات والإعفاءات للكثير من المناصب القيادية بهدف اختيار قيادات قادرة على تحقيق أهداف برنامج العمل الحكومي والتي تضمن تنفيذ تشريع قانون تنظم فيه التعيين بالوظائف القيادية وفق معايير الكفاءة والجدارة بمدة لا تتجاوز 100 يوم عمل. في المقابل هناك مراسيم صدرت خلال الأيام الماضية معظمها كانت في الأمانة العامة التابعة لمجلس الوزراء، وهي مراسيم مبررة وضرورية لمتابعة أعمال مجلس الوزراء، لكن هناك مراسيم وتعيينات أخرى دار حولها الكثير من اللغط، وهناك تسريبات عن نية الحكومة مباشرة التعيينات بشكلٍ موسع مع بداية السنة الجديدة مما يتطلب بعض التوضيح عن آلية الاختيار، وهل هي بالأسلوب ذاته المتبع بالماضي وعلى المعايير المتبعة ذاتها في مجلس الخدمة المدنية؟
أكثر ما يزعج سماعه هذه الأيام أن هذه الاستقالات والإعفاءات لا علاقة لها ببرنامج عمل الحكومة ولا بالإصلاح السياسي والإداري، ولكنها مرتبطة بالولاءات السابقة.
الشارع الكويتي يضع ثقته بسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الإصلاحية، ويدعم سمو رئيس الوزراء الشيخ أحمد نواف الأحمد من أجل تحرير الكويت من الفاسدين وتطهير البلد منهم، ناهيك عن الارتياح العام لبرنامج العمل الحكومي رغم وجود بعض الملاحظات على آليات التنفيذ والعوائد المنفعية للمبادرات والمشاريع المزمع تنفيذها.
هذه الثقة التي حظي بها الشيخ أحمد لها ما يبررها بعد أن أعلنت الحكومة طريقة تعاملها مع مجلس الأمة من خلال التعاون المسؤول المبني على فصل السلطات واحترامها، وعدم التجاوز على صلاحياتها، وفي توافقها مع المجلس على إقرار مجموعة من المشاريع التي تتوافق مع مصلحة المواطنين والكويت.
المحك الحقيقي لكسب ثقة الشعب بالأداء الحكومي لا تقتصر على كفاءة رئيسها، بل لا بد من شمول الفريق الوزاري الذي يبدو أن بعضهم غير مدرك حجم المسؤولية الموكلة إليه ولا إلى متطلبات برنامج العمل الحكومي.
ومسيرة الإصلاح، كما توصف، ذات وجهين: الأول إداري، والثاني مالي، وقد يكون الإصلاح الإداري مقدماً على الإصلاح المالي، فاليوم معظم المناصب القيادية شاغرة والوزراء أمامهم مهمة وطنية في الاختيار وفق معايير الكفاءة والجدارة، إلا أن بعض الأسماء المرشحة لتولي تلك المناصب القيادية لا ترتقي للطموح وبعضها عليه تحفظات إدارية وتدور على شهاداتهم الدراسية الكثير من الشبهات.
معايير الكفاءة والجدارة في ترشيح القيادات لا تستقيم مع الآلية الحالية المتبعة في ديوان الخدمة، فالأسلوب تقليدي وروتيني لم ينفع بالماضي فكيف به في مرحلة تصحيح المسار؟
هذه الإجراءات الروتينية والشكلية يفترض إلغاؤها، وعلى الوزير المعني، قبل أن يرفع الأسماء، أن يتفحص السير الذاتية بشكل دقيق، وأن يراجع عطاءات المرشح وقدرته على إنجاز ما هو مطلوب منه لا العكس، بمعنى عرض المهام والأعمال المطلوبة على المرشح ثم يسأل عن الكيفية التي سيعمل من خلالها لتحقيق رؤية القطاع أو المؤسسة وفق برنامج عمل الحكومة.
بعض الأسماء المرشحة لتولي المناصب القيادية تقود إلى أن بعض الوزراء يغرد خارج سرب الإصلاح، مما يدل على أن الهدف من هذه التعيينات حماية كراسيهم من الاستهداف النيابي.
ودمتم سالمين.