«الموهبة» تلك الكلمة قليلة الأحرف كبيرة المعاني، يهبها الله لمن يختصه من عباده، فيغتنمها صاحبها وينميها فتصير كالشجرة الوارفة الظلال، الطيبة الثمار تفيد نفسها وتنفع غيرها، أو يهملها صاحبها فتصير كالشجرة المريضة التي تتجاذبها الرياح يميناً ويساراً فتتساقط أوراقها وتتلف ثمارها، وفي الحالتين يوجد عامل مهم وهو البيئة المحيطة المشجعة على النمو والازدهار أو المثبطة للهمم، لأن الموهبة تضيع إذا أهملت، وتزدهر إذا وجدت من يتعهدها بالعناية.

وقد أحسنت المملكة العربية السعودية صُنعاً عندما تبنت انعقاد المؤتمر العالمي الثاني للموهبة تحت شعار «رحلة نحو المستقبل الجديد» الذي نظمته مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع «موهبة» منذ أيام برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وافتتحه الأمير خالد الفيصل أمير مكة المكرمة نيابة عنه، ثم شمله خادم الحرمين بكرمه فأينع وخرج من المملكة ليعم نفعه على قارات العالم،

Ad

فقد تنافست العقول المبدعة، ونتمنى رؤية أبنائنا المبدعين في الكويت في النسخة القادمة ليرفرف علم الكويت خفاقاً في سماء الإبداع والابتكار مشاركين في وضع حلول لما يواجه الإنسانية من مشكلات تؤرق مضجعها في ظل تنامي مواقع التواصل الاجتماعي وتقنيات الواقع المعزز التي تسابق الزمن، وهو ما يؤكد قدرة شبابنا على مواكبة العصر واستشراف المستقبل، ويجعلنا نؤكد على ضرورة استكمال هذه المبادرة الكريمة التي أطلقتها المملكة العربية السعودية ودعمها، حتى تستمر وتصل إلى كل أنحاء العالم، لأن اكتشاف الموهوبين سيسهم في القضاء على التطرف والانحلال الفكري لأنه استثمار في مشروعات ضخمة تجعل صاحبها لا يفكر إلا في نجاحها، والموهوبون ليسوا رقماً معدوداً نتباهى به فقط، لكنه مشروع حضاري يجب علينا توفير كل المتطلبات ورعايته لضمان استمراره.

وقد لفت انتباهي في هذا المؤتمر الحضور المميز للسادة أصحاب المعالي في المملكة، وكذلك ممثلو الدول المشاركة من قارات (آسيا، وإفريقيا، وأوروبا، وأميركا، وأستراليا) واهتمام القيادات السياسية والشعبية والإعلامية به، وهو ما يشير إلى سيره في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق هدفه في بناء منصة عالمية ترعى المواهب الشابة وتدعمها.

ويتبقى لي كلمة وجب عليّ أن أعبر فيها عن شكري وامتناني لصاحب الجلالة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي العهد صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان اللذين بادرا بتبني هذا العمل الفريد الذي أثمر عن اكتشاف أكثر من 161 ألف طالب وطالبة من الموهوبين ورعايتهم من مختلف دول العالم على مدار سنوات مضت، ولا يفتوني أن أشكر الذين أداروا باقتدار هذه الملحمة الرائعة، ونشروا الفكرة فتنافست فيها 30 دولة تختلف سياساتها وأعرافها وتقاليدها لكن يجمعها هدف واحد (موهبة) وهو الاستثمار في البشر من خلال فكرة المملكة العربية السعودية الرائدة في اكتشاف الموهوبين، وظهور 100 موهوب ينيرون الطريق لأنفسهم ولغيرهم في تحسين الواقع واستشراف المستقبل من خلال ابتكاراتهم المتميزة.