تناولت الجمعية الاقتصادية الكويتية قضية إسقاط القروض وشراء المديونيات، قائلة إنه في كل وقت يكون الإنجاز غائباً، فإننا نجد موضوع «إسقاط القروض» يعود للواجهة.
وأضافت الجمعية، في بيان أمس: أعربنا عن استنكارنا لحالة اللامبالاة الموجودة في المؤسسة التنفيذية على مرّ حكومات وسنوات متعاقبة «على سكوتهم غير المبرر عن هذا الملف الذي بات هاجساً لكل مواطن سواء بالتأييد أو بالإنكار.
وقالت: صحيح أن مفهوم إسقاط القروض أو شراء المديونيات يفتقر إلى العدالة ويضر بالاقتصاد الوطني، لكن في الطرف الآخر أصبح النقاش فيه منطقياً لسبب رئيسي وهو عجز الحكومات المتلاحقة عن كبح جماح التضخم المطرد الذي يزيد بشكل غير معقول مؤخراً وما يزيد موضوع شراء المديونيات قوة في الحجيّة هو عدم اكتراث السلطتين التنفيذية والتشريعية لانخفاض مستوى دخل الفرد بشكل ملحوظ في آخر 10 سنوات».
وذكرت أنه حسب أرقام البنك الدولي، فإن التضخم في ارتفاع سنوي لأكثر من 10 سنوات فاق 3.5% ومستوى دخل الفرد في انخفاض سنوي بمعدل 3.82%، وهذا بحد ذاته يشكل هاجساً أمام أي مشرع يعلم لغة الأرقام فضلاً عما شهدناه في آخر سنتين منذ جائحة كورونا وانعكاسها على مستوى دخل الفرد.
وبينت الجمعية الاقتصادية الكويتية أنها مع تكرار عرض هذا الملف على الساحة قدمت رأيها في كل قضية رأي عام تهم المجتمع واستقراره المالي والاقتصادي، وللأسف ما يجري حالياً هو استمرار في مسلسل تراخي الحكومات المتعاقبة لإيجاد حل ناجع، ومن سيدفع التكلفة ليست الحكومة ولا مجلس الأمة، بل سيدفعها المواطنون البسطاء أنفسهم وأبناؤهم، وهذا إن دل فيدل على ضعف الحكومات في تعاطيها مع هذا الملف خلال ال 15 سنة الماضية، والمراهنة على ديمومة الدخل المرتفع من النفط».
ولفتت إلى أن هذا الموضوع الذي أشبع جدلاً من المختصين والمهتمين بالشأن الاقتصادي مع كل فوائض مالية نتيجة ارتفاع أسعار النفط بحيث الكلام فيه لا طعم له من كثرة تكرار نفس الادعاءات من الطرفين المؤيد والمعارض وكأننا في مناظرة أبدية بنفس الأسباب والجدليات التي يعتقد أصحابها أنها لن تتغير مع مرور الوقت وهذا بالضبط أكبر عائق أمام حل هذا الملف.
وأفادت بأن عدد المقترضين وصل في الآونة الأخيرة لأكثر من 550 ألف مقترض، بمبلغ إجمالي شامل 16.6 مليار دينار (للأفراد في جميع فئات الاقتراض)، والاستهلاكي منها فقط 2.36 مليار دينار، «وما نرجوه اليوم من الحكومة أن يكون هناك حل منطقي وعادل يغلق ملف القضية بالكامل في وجه المكتسبين، لذا فإن الدور البرلماني الأصيل هو تقديم حلول مختلفة للملفات العالقة لا الاكتفاء بالاعتراض بدون تقديم بديل واقعي وحل ملموس». ودعت الجمعية الحكومة إلى تقديم حل واقعي على غرار دول مجلس التعاون الخليجي وبالتحديد كما فعلت الإمارات العربية المتحدة على فترات سابقة كذلك دولة قطر بحل مشاكل المتعثرين من المقترضين وأيضاً ممن تغير حالتهم الاجتماعية وأيضاً ممن فاق مجموع استقطاعاته 50% من مدخوله ضمن حل متكامل وفيه شروط واضحة.
وأضافت أنه من باب العدالة في توضيح مواطن الخلل، فالحكومات المتعاقبة هي المسؤولة لتكرار مثل تلك المقترحات إلى اليوم، وتعطي انطباعاً أن هذا الملف «كرت» سياسي على طاولة المناقشات، وكان يفترض على الحكومات السابقة أن توضح للمواطنين الأرقام الرسمية وأعداد المقترضين ونسبة المعسرين لسد باب التأويل في الأرقام والحلول. وتابعت: «لذا ما نقترحه هنا في الجمعية الاقتصادية الكويتية هو تشكيل فريق ثلاثي (حكومي – نيابي – مؤسسات المجتمع المدني) لطرح حلول لهذه القضية التي أصبحت هم كل مواطن مقترض وتقسيم شرائح الاقتراض والعمل على جدوى حل الملف الأساسي وهي القروض الاستهلاكية من دون القروض الاستثمارية والتجارية».
وقالت: إن كانت النية هي رفاهية المواطن التي لن ندخر مجهوداً على السعي لها، فهناك حلول أخرى تصل بنا لهذا مثل القروض الحسنة من الدولة وتكون القيمة بالتساوي ويستفيد منها جميع المواطنين وتكون سدادها على فترات طويلة الأجل.
وأخذت الجمعية الاقتصادية الكويتية، في بيانها، بعين الاعتبار أن المطالبات تأتي في ظل عدم قدرة الحكومة على كبح التضخم الكبير في الكويت منذ عام 2020 إلى اليوم وانخفاض مستوى دخل الفرد في الكويت في آخر 5 سنوات (حسب مؤشر البنك الدولي)، وهذا ألقى بظلاله على فئة مهمة في هذا البلد وهي المتقاعدين وبالأخص كبار السن منهم التي أصبحت معاشاتهم التقاعدية أقل من قيمتها في ظل هذا التضخم المطرد.
وفي الختام أشارت إلى أن الأوضاع الاقتصادية العالمية المتقلبة التي تؤثر بشكل أو بآخر على الاقتصاد الكويتي الذي كان ولا يزال يعتمد على النفط كمورد أساسي ووحيد للدخل القومي تضع الجميع أمام مسؤولياتهم الوطنية للتصدي لكل ما يضر الحالة المالية العامة للدولة ومستقبل الأجيال القادمة.
كما أكدت ضرورة تفعيل السياسات الاقتصادية السليمة التي من شأنها تنويع مصادر دخل الدولة وتحقيق الرفاهية للمواطنين بالأطر السليمة وإيقاف الهدر في المال العام وأوجه الصرف غير المبررة ومحاسبة المقصرين.