عجيب ومؤسف ما يقوم به بعض نواب مجلس الأمة، فما يتقدمون به من المقترحات المالية الباهظة التكاليف، ويطالبون الحكومة بتحقيقها، والتي سيؤدي تنفيذها حتما إلى إفلاس الدولة وضعف اقتصادها، ومن تلك المقترحات شراء المديونيات ورفع الرواتب ومعاشات المتقاعدين بدون دراسة، وتوزيع 20 في المئة من دخل الدولة على المواطنين.
تؤكد هذه المطالب أن هؤلاء الأعضاء لا يكترثون بمصلحة الدولة ولا مستقبلها السياسي والاقتصادي، فبالرغم من أنهم يدركون خطورة تنفيذ مثل هذه المقترحات على المستقبل المالي للدولة، فإنهم مع ذلك يصرون على المطالبة بتحقيق تلك المقترحات الضارة، لاعتقادهم أن تحقيقها سيحقق لهم مكاسب انتخابية، إذ سيساعد في إعادة انتخابهم مرات أخرى، فهذا يعني بكل وضوح، أنهم يسعون إلى تحقيق مصالح شخصية عن طريق تبذير المال العام، الذي أقسموا على المحافظة عليه والدفاع عنه.
ولعل الأشد غرابة من تبذير أولئك الأعضاء بالنسبة إلى المال العام هو حرصهم كل الحرص على المحافظة على أموالهم الخاصة وتنميتها والذود عنها بكل ما أوتوا من قوة، بل يبدو أنهم يحبونها أكثر من الوطن «إنما أموالكم وأولادكم فتنة»، فهم مفتونون في جمع المال وتنمية ثرواتهم الخاصة، ويرفضون مبدأ دفع الضرائب للدولة، وهو الأمر الذي يؤديه جميع المواطنين في دول العالم، بمن فيهم مواطنو دول الخليج، مرددين شعاراً يرفعونه «لا مساس بجيب المواطن».
بكل تأكيد لن يضير المواطن الكويتي عندما يشارك في ميزانية دولته، فتلك الأموال ستنفق على التعليم والصحة والدفاع والأمن وكل ما يهم الوطن والمواطن، وقد تؤدي مشاركة المواطنين في ميزانية الدولة إلى التفكير بجدية في ترشيد الإنفاق، والحرص على المال العام ووقف الهدر، وقد يؤدي ذلك إلى الإصلاح الاقتصادي الذي ننشده جميعا، أي أن مشاركة المواطنين في ميزانية الدولة قد تكون خطوة حاسمة في تفعيل حب المواطن للمحافظة على المال العام وكراهية الإسراف والتبذير فيه.