كعادتي آخر كل عام، أعاده الله على الجميع بالخير واليمن والبركات، يكون لي مقال معنون ب «هوامش آخر السنة» نستذكر فيه أهم محطات العام في إشارة واضحة إلى مفاهيم ودلالات رئيسة للعام المقبل، ففي نهاية المطاف، يمثل قرب انتهاء العام أفضل فرصة للمرء أن يراجع نفسه ويرسم خريطة لطريق حياته الشخصية والعملية والاجتماعية، وفي هذه الفرصة، لا بأس من سرد بعض التعليقات والملاحظات على الشأن العام في الدولة والتي تهم كل مواطن ومقيم على أرضها الطيبة دون استثناء.
التهدئة بطعم الإفلاس السياسي
اتسمت المرحلة الحالية، أي مرحلة ما بعد خطاب سمو أمير البلاد الذي تلاه سمو ولي العهد (حفظهما الله) والانتخابات التي أفرزت مجلس الأمة الحالي، بشيء من الهدوء السياسي أو التهدئة من كل الأطراف، وإن كان هذا الأمر حميداً وجيداً في ظاهره، فإنه كان بمنزلة شيء ك (كشف التسلل) أيضاً لإفرازات المجتمع الممثلة ببرلمانه، فجل الأعضاء إما يذهبون إلى قضايا شعبوية لا تغني ولا تسمن من جوع في عالم السياسة ومتطلبات اليوم، وإما يدغدغون مشاعر المواطن من خلال كلام مستهلك لا طائل منه، وما زال الإصلاح السياسي مطلبا رئيسا في الكويت من خلال العمل على إشهار الجماعات السياسية والعمل التنظيمي المعلن المنظم بعيدا عن الفردانية وفرد العضلات غير المجدي بتاتا، فأين نحن من الإصلاح الحق اليوم؟!!
الرعاية الصحية والتخبط في القرارات
اضطررت أن أتعامل مع إصابة بالغة لأحد أفراد أسرتي في منطقة شاليهات الزور، ولأن الإصابة احتاجت إلى (غرزتين) اكتشف أن أقرب نقطة يتم تحويلك إليها هي مستشفى العدان الذي تعامل مع حالتي بمهنية عالية وكفاءة يشكر عليها الطاقم الطبي والإداري الى أبعد الحدود، من مدخل باب الطوارئ وانتهاء بغرفة العمليات الصغرى، فجزاهم الله عما يفعلون خير الجزاء، فهم فعلا ملائكة الرحمة على الأرض، إلا أنني بعد يومين من انتهاء ذاك العارض الصحي اللعين، استنكرت عدم وجود مستشفى يخدم مناطق الكويت من الحدود (الخفجي) مرورا بالشاليهات والمناطق الصناعية النفطية وغيرها إلا مستشفى العدان، فتلك المناطق أصبحت مع وجود الشاليهات وازدياد العمالة الوطنية والأجنبية في جنوب الدولة، بحاجة ماسة إلى مستشفى بحجم مستشفى العدان ليخدم تلك المنطقة خاصة في حالات الطوارئ.
ومن جهة أخرى مر علينا مؤخرا هذا العام موضوع رفع الرسوم الصحية على المقيمين بصورة ارتجالية إن صح التعبير، وما زلت ولعلي أول من قالها ونشرها في مقال كذلك في جريدة «الجريدة» معنون ب «رب العمل ملزم»، من خلال عقد العمالة من جهة والتكفل بحاجات موظفيه ورعايتهم الصحية، ومن جهة أخرى على شركات التأمين أيضا أن تتحمل واجباتها، ولا دخل للوافد المقيم في الكويت لأداء مهمة أو عمل بتلك القرارات بتاتا، فإما أن يلتزم رب العمل أو تراجع العقود والأنظمة للتعاقد تباعا مع الأيام.
القروض وإسقاطها
موضوع القروض ودراسة إسقاطها أو شرائها من الدولة ليس بجديد وليس بطرح غريب على الساحة الكويتية خصوصا من أعضاء البرلمان، أما موضوع الأرقام التي تتناثر علينا في وسائل الإعلام فأنا شخصيا أعتقد أن هناك لبساً ما بين الأرقام الخاصة بالقروض الاستهلاكية والسكنية وغيرها، إما بقصد أو بغير قصد، وعليه يجب أن نقف وقفة تشريحية للمسألة بشكل جاد، وإسقاط أو حتى شراء القروض وجدولتها ليس بالعدالة في شيء، فهناك من انتظم في سداد قرضه وقصر على نفسه ليلتزم، وهناك من أخذ القرض للرفاهية ولأمور غير ضرورية.
نعم، هناك من احتاج لظرف ما أن يقترض إما لأسباب صحية أو معيشية أو خلافه، وهناك أيضا من اضطر للاقتراض مرغما لاستكمال أعمال بناء أو شراء سكن أو سيارة بسيطة للتنقل، وعليه فإن المسألة متفاوتة والأمور مخلوطة، والردود والجدال في هذا الأمر لا منطقي بتاتا كمقارنة عطايا خارجية أو اختلاسات بموضوع إسقاط القروض!! أو مقارنة مسألة القروض بإسقاطها ما بعد الغزو العراقي.
عموماً ولتحقيق العدالة بين كل المواطنين، يكون موضوع الزيادة للموظف المتقاعد على الراتب بشكل مجز تماشيا مع التضخم العالمي وارتفاع الأسعار الفاحش الذي نعيشه اليوم، أما التداعيات الاقتصادية وما يترتب على شراء المديونيات أو القروض من تضخم وخلافه، فأهل الاقتصاد متفاوتة آراؤهم في تلك المسألة، أما زاوية العدالة بين المواطنين فهي الأكثر شمولية في وضعنا الراهن اليوم.
شواغر دون بدائل أو خطط
كنا ننتقد الشواغر خاصة في الجهات ذات الطابع العلمي في الدولة لفترات من الزمن طالت وتسببت في شلل إداري وأزمة صناعة واتخاذ القرارات، فقط لتتزايد عدد الاستقالات وحالات التقاعد في الأسابيع القليلة الماضية ليستنكر المرء الموضوع ويستبعد نية بعضهم أصلا من الاستفادة من ميزة ال80% للراتب التقاعدي في الدولة، فإن كانت المسألة عملية (تطهير) للقيادات، فهل هناك خطة أو آلية اختيار للبدائل؟! وهذا يجرنا لسؤال أعمق وأكبر: هل هناك خطة شاملة لاختيار القيادات في الدولة بعد هذا الفراغ الإداري الكبير؟! إن كانت الإجابة (نعم) فقد أزف الوقت وحان إعلان تلك الخطة بشكل سريع لقطع دابر الشك والثرثرة، أما إن كانت الإجابة (لا) فعلينا السلام.
ثلوج في المنطقة العاشرة
مع تساقط البرد والثلوج في غضون الساعات الماضية في جنوب وغرب الدولة، لا نستطيع إلا أن نستذكر مرة أخرى أهمية جهاز الأمن الوطني ولجان الكوارث والأزمات وتفعيل دورها في إعلان خطط قصيرة ومتوسطة المدى بسبب تداعيات التغير المناخي على الكويت، والتي لن تكون بمعزل عن بقية دول العالم، وكل عام والجميع بخير، متمنيا أن تكون 2023 سنة إنجازات للدولة على الصعد كافة.