«وينك يا فيصل الشايجي؟»
لماذا هذا التقدير وهذه الإشادة التي خرجت إلى النور منذ لحظة إعلان فوز فيصل عبدالرحمن الشايجي «بجائزة الشيخ سالم العلي للمعلوماتية» عن عام 2022؟ لسبب بسيط وواضح أن الرأي العام الكويتي يحترم أولاً ويقدر ثانياً أصحاب الأيادي النظيفة والسمعة الطيبة ومن كانت لهم بصمات ناصعة البياض في بناء المؤسسات وقيادتها، فالشيخ علي جابر العلي وهو خارج البلاد يغرد «نحن لا نبني كويت المستقبل، نحن نهدم كويت المستقبل، وينك يا فيصل الشايجي»، أما وليد العصفور فغرد بدوره قائلاً «من منا لا يعرفه إنه ذلك الرجل الذي قاد تأسيس الهيئة العامة للمعلومات المدنية وكان مثالاً للإخلاص والوفاء لبلده ونظافة يده وقلبه»، ثم تبعه السيد طلال فهد ثنيان الغانم واصفاً إياه بأنه «من القيادات الوطنية الرائدة». باختصار هناك إجماع بالقول إن «كل اللي تشوفونه كان إنجاز (بوطارق) والفريق المعاون له»، هكذا كتب عنه موقع «مهد الذهب».
لقد أحسن القائمون على الجائزة في اختيار هذا الاسم، وهي خطوة مقدرة تماماً، فاللذان يُضرب فيهما المثل بالنزاهة أيام زمان هما المرحوم حمد الجوعان بالتأمينات الاجتماعية وفيصل الشايجي بالمعلومات المدنية، وكانت من أهم وأحسن الهيئات الحكومية من حيث مستوى الأداء والجودة ومن حيث النجاحات التي حققتها.
أكاد أقول، لو كنت أملك القرار لأقمت لفيصل عبدالرحمن الشايجي تمثالا، فيكفيه أنه لولا الإنجاز الوطني الكبير الذي أتمه في حفظ السجل المدني للكويت وما فيها من أفراد وشركات ومبان وأملاك لتحولت إلى «لعبة بسيطة» على يد النظام العراقي، ولسهلت المهمة عليه بالعبث في السجلات المدنية وحقوق المواطنين والوافدين وكل الأملاك والمؤسسات ومصادرتها وتزويرها، لكن بفضل «أبوطارق» والشباب المتطوعين الذين قاموا بتهريب الوسائط الإلكترونية المحفوظة إلى الطائف ومنها إلى البحرين وإيداعها لدى الأمم المتحدة... تم حماية الكويت كدولة وكشعب ومقيمين.
هذا الرجل قليل الكلام بطبعه، يبتعد عن الأضواء والكاميرات، معاد لمن يستعرض عضلاته الفارغة ويدعي بطولات وهمية، بل آثر الصمت والسكوت والجلوس مع أسرته وفي بيته، حتى أنه رفض كتابة سيرته الوظيفية والحياتية، فما قام به «هو الواجب الذي تستحقه الكويت التي طالما أعطتني الكثير»، كما أجاب مرة عن سؤال وجهه له الزميل ناصر الخالدي: «كثير من المسؤولين لم يقصروا معي عندما كنت في العمل الحكومي حيث وضعوا ثقتهم بي في كثير من المهام، والإنسان الناجح لا يسعى للتكريم لأنه يحب أن يكون متميزاً».
وبالفعل سمعت هذا التميز والإطراء من رجل ذي ثقة وهو الدكتور يوسف الإبراهيم الذي انشرحت أساريره عندما سمع بخبر اختياره لجائزة الشيخ سالم العلي.
سيرة فيصل الشايجي الشخصية متوافرة لمن أراد الاطلاع عليها من خلال البحث في المواقع الإلكترونية، إنما قصته مع المعلومات المدنية هي حجر الأساس في الشهرة التي نالها وحظي بها، وأنا من جيل تعرفت عليه أواخر السبعينيات مع إطلاقه مشروع تأسيس الهيئة عندما كان المقر في مجمع الرحاب بمنطقة حولي... لقد بدأ في هذه المؤسسة من الصفر بعد تكليفه من وزير التخطيط آنذاك عبداللطيف الحمد، وضع خطة خمسية وقام بإحصاء المواطنين من أجل إصدار بطاقات خاصة بهم، ووضع آلية للعمل، مع فريق متجانس وإلى جانبه السيد مساعد المخيطر، وعلى يديه كانت ولادة أهم مشروع تسجيل مدني عرفته الكويت في تاريخها الحديث، بل كان أحد مؤسسيه والقائمين عليه.
من المساهمين الفعليين لإيجاد حكومة إلكترونية دون أوراق، حيث كان يتولى منصب نائب رئيس الجهاز الفني المركزي، ويعود الفضل إليه بتحويل الرواتب من الأسلوب التقليدي إلى نظام البنوك، وكذلك اقتراحه استخدام نظرية المتوسطات لتفادي مشكلة قراءة عدادات الكهرباء، فهو من الكفاءات الوطنية التي لا تنسى وقد أعطى لوطنه بإخلاص ووفاء، وهذا يكفي.