غرباء سوق العراق يُغضِبون بنوك أميركا ودينار السوداني تحت الحصار
● مافيات تهرّب الدولار لإيران وطلبها المتزايد يغيّر قواعد بيعه بالمزاد
تجّرب الولايات المتحدة، وهي الطرف الوحيد الذي يحمي أرصدة الدولة العراقية، طريقة جديدة لمنع إيران من الاعتياش على الدولار المتاح في العراق، لكن ذلك ولّد زلازل بلا نهاية في الاقتصاد الضعيف أساساً، ورفع سعر صرف العملة وكل الأسعار تقريباً.
وتقول أوساط سياسية إن العراق لا يستطيع أبداً الخروج عن هيمنة البنوك الأميركية، كما أنه من الصعب عليه جداً في الوقت الحالي، منع الإيرانيين من شراء الدولار وتهريبه تخلصاً من عقوبات واشنطن.
ومنذ سنوات لم يجرب السوق العراقي حالة من عدم اليقين كالتي حيّرت التجار والأهالي منذ الأسبوع الماضي، حيث يمر سعر الدولار بتذبذب شديد، مسجلاً ارتفاعاً يعد طفيفاً حتى الآن، لكن التجار يقولون إن أخطر ما فيه أن لا أحد يعلم متى سيتوقف هذا الارتفاع وعند أي سعر، الأمر الذي أربك كبار المستوردين، ودفعهم إلى رفع سعر كل شيء تقريباً.
وشنّت الفصائل الموالية لإيران هجمات كلامية ضد إجراءات واشنطن ووصفتها بأنها «بداية حصار مالي» لحكومة محمد السوداني، ولوّح نواب باستضافته في البرلمان، كما دعا آخرون إلى «الخروج من عباءة البنوك الأميركية» التي يضع العراق فيها أرصدة النفط في حساب خاص منذ سقوط نظام صدام حسين. غير أن الخبراء ومستشاري الحكومة علقوا على ذلك بأنه غير ممكن، لأن البنك الفدرالي الأميركي هو الجهة الوحيدة التي تحمي أموال العراق من ملايين المطالبات القضائية بالتعويض متعلقة بأربعة حروب خاضتها بغداد.
واعترف السوداني، الذي افتتح عهده بهذا الانهيار في السوق، بوجود مهربين ومافيات تتصرف بالدولار بشكل غير قانوني، مثلما اعترف البنك المركزي العراقي بصحة التفسيرات التي ظل يتهامس بها الخبراء طوال الشهر الجاري بشأن قرارات أميركية غير معلنة.
وشرح «المركزي» تفاصيل عديدة حول تغيير في قواعد بيع الدولار في المزاد الرسمي الذي يسيطر على سعر العملة الصعبة، وكيف أن قيوداً جديدة فرضت على عملية التدقيق لتطابق المعايير الدولية.
ونتيجة للتدقيق الصارم الذي يقوم به «الفدرالي» الأميركي لعمليات البيع في العراق، انخفضت كميات الدولار في السوق للنصف، لأن الصفقات تتأخر جداً، حسب الخبراء الذين قالوا إن كميات الدولار ستنخفض أكثر وتصل إلى الربع مع رأس السنة، مما يعني انخفاضاً صادماً في العملة العراقية.
وذكر المحللون أن واشنطن تطلب من بغداد إخراج «الزبائن الغرباء» من سوق العملة الصعبة، لأن حصة كبيرة من تلك الصفقات تذهب لإيران، كما أن طلبها المتزايد على الدولار في سوق العراق يضعف الدينار الضعيف أصلاً.
وقبل منح الثقة للحكومة، توقعت الأوساط أن نجاح حلفاء طهران في إيصال السوداني إلى السلطة سيعني غضباً أميركياً وعقوبات وقيوداً على بغداد. لكن قيل لاحقاً إنه نجح في إقناع واشنطن بأنه لا يمثل الفصائل، وضمن لهم عدم امتداد نفوذ المتطرفين للمؤسسات الحساسة الاستخبارية والمالية.
أما اليوم، فقد عاد المحللون للقول إن السوداني لم يستطع الوفاء بتعهداته، والتشدد المالي الأميركي مع البنوك هو أول بالونات الاختبار القاسية، على المسرح العراقي.