استراتيجية مكافحة قوارض التشكيك
كما قلنا عن الحكومات السابقة أقدامها متحجرة في دائرة اللا فعل، وهذا يوفر فضاءً عدوانياً تتناسل فيه قوارض قوى الفساد فتفرز الإشاعات والتشكيك وضرب رموز الإخلاص، فهناك قوى متنفذة تملك القدرة على إعاقة أي تحرك وقتل أي مشروع أو اختطافه كي تحدد هي مقاسه وشروطه وطرق تنفيذه على مقاس مصالحها، مما أفضى إلى حالة من الشلل ما زالت جاثمة على كل مناحي المجتمع.
والأخطر أن حالة الشلل قد طالت العقلية العامة والخاصة، وأزعم أنها بلغت قعر العقل الباطن وذلك بلاء من ربكم عظيم، لذلك إن كان هناك خيط أبيض يميز ظلمة العهد السابق من فجر العهد الجديد فلابد أن تتجلى في سرعة وفاعلية الحركة والإنجاز على أساس مدروس ومنهجي يستضيء بتجارب الحاضر في بلدان سبقتنا، وحققت تقدما ملموساً وفق معايير عالمية دقيقة مع أن مواردها المادية والبشرية أقل من مواردنا بكثير، ومع ذلك فإنها وطّنت بنية إنجاز أضخم المشاريع التي يتم إنجازها بمقاييس الشهور لا مقاييس السنوات، كما أشرنا في مقالات سابقة، حيث أشرنا إلى أن مشروع البوليفارد الضخم والمتطور في السعودية أنجز في أربعة أشهر، وقبله جامعة نورة الضخمة في 25 شهراً، كل هذا تم بمقاييس فنية صلبة ومتطورة بعيداً عن العشوائية والفساد في ظل بيئة اقتصادية وقانونية جاذبة لأفضل الشركات العالمية، وفي ظل استنفار للطاقة الوطنية وتوظيف وتكييف النظام التعليمي والتأهيلي بما يتواءم مع متطلبات هذا التوجه الجاد للتطوير، فلا غرابة أن نعيش في حالة الصدمة الحضارية ونحن المثقلون بألوان بالفساد والعشوائية.
لم يعد التطوير والتغيير الجذري للبيئة الإدارية والقانونية والتعليمية الحالية ترفاً بل صار ضرورة ملحة يجب خلقها بأقصى سرعة وشمولية ممكنة حتى نلحق بالركب، لذلك أوجه الحكومة إلى ضرورة وضع برنامج واضح وسريع ومدروس بعناية لخصخصة كل القطاع الإنتاجي من صحة، وتعليم بكل مراحله ومستوياته، وكهرباء وماء، والموانئ والاتصالات الأرضية، والبريد، والمواصلات، وإدارة المرور وبعض الأنشطة النفطية.
بهذا ستنفض الحكومة عنها شحوماً كتمت أنفاسها وأنفاس المجتمع عقوداً من السنين وستنزع ثوبا لعينا أورثها واورث المجتمع كل أشكال الفساد الإداري والمالي والتخلف وتدني مستويات الأداء، والبطالة المقنعة التي وصلت إلى 80% مع ارتفاع الكلفة المالية والتراجع في كل شيء.
فرض التكويت بالتدريج ولنبدأ بفرض 50% لبعض القطاعات لاستيعاب العمالة الفائضة وفرض قوائم بالوظائف التي لا يشغلها غير المواطنين ولنلاحظ تجربة السعودية.
وكذلك لابد من رفع رفاهية المواطن بإبقاء دعم العمالة واعتماد صندوق جابر للأجيال الحاضرة وتوزيع الدعوم نقداً، وقد أثبتنا في مقالات سابقة أن ذلك سيرفع مستوى الرفاهية ويحل كل المشكلات بما في ذلك أزمة الديون، فلو كانت الأسرة من زوجين وثلاثة أبناء ويكون راتب المواطن في القطاع الخاص 350 دينارا سيصل راتبه مع دعم العمالة لرب الأسرة وأرباح صندوق جابر والدعم النقدي 1780 ديناراً، وإذا تم كل ما سبق فسنحقق انخفاضاً غير متوقع لموازنة الدولة السنوية بمقدار النصف.
ولدى الحكومة الآن مجلس متعاون في أغلبيته وفيه عقول متطورة ومبدعة وأصحاب مشاريع ورؤى، كما يوجد قانون الخصخصة الذي أهمل منذ تشريعه.
رسالة إلى سمو رئيس مجلس الوزراء: لدى سموك في الكويت عباقرة في التخطيط والتنفيذ وهناك خبراء في دول مجلس التعاون ولهم تجارب فائقة التقدم في الخصخصة والإسكان والتعليم والتوظيف، وخفض حوادث المرور ووفيات الحوادث، وتنويع مصادر الدخل ومشاريع الطاقة وغيرها فشرِّع الأبواب لهذه الخبرات وكل الشركات العالمية، وتوكل على الله.