للمرة الأولى منذ ثورة 1979 التي أطاحت حكم الشاه رضا بهلوي، اتفق 3 رؤساء سابقين لإيران، على انتقاد سياسات حكومة رئيسي خلال توليه مقاليد السلطة، وسط الاضطرابات والأزمات التي تشهدها البلاد.
وحظي الرئيس الأصولي المتشدد إبراهيم رئيسي بمعارضة الرؤساء السابقين الأحياء محمد خاتمي ومحمود أحمدي نجاد وحسن روحاني، رغم اختلاف اتجاهاتهم الفكرية ومحاولتهم تجنب الحديث عن التظاهرات ودعم المحتجين أو النظام خلال الأشهر ال 3 الماضية.
لكن الرئيس السابق حسن روحاني اجتمع مع كبار مسؤولي حكومته السابقة في منزله بمنطقة ولنجك بطهران بمناسبة ذكرى وفاة السيدة فاطمة الزهراء وانتقد الحكومة الحالية بسبب تصرفاتها تجاه النساء.
وقال روحاني خلال الاجتماع: «في وقت تحمل المجتمع أعباء إخفاق الحكومة في إدارة الشؤون الاقتصادية بادرت هي لإثارة مشاكل اجتماعية عبر الضغط على النساء وهي تعلم أن قدوة الإيرانيات هي السيدة فاطمة، وأنهن لن يسكتن على الجبر والزور، وسوف يقمن بالثورة عليكم».
ورأى أن المجتمع الإيراني بدأ بمعارضة القوانين الشرعية «ليس لعدم الإيمان بالإسلام لكن بسبب الضغوط التي يتعرض لها من شتى الاتجاهات والتي أدت إلى انفجاره».
وذكر مصدر حضر الاجتماع ل«الجريدة»، أن روحاني أكد أن بعض الأصوليين يعتبرون أن الاحتجاجات، التي اندلعت بعد وفاة مهسا أميني عقب احتجازها من الشرطة بسبب مخالفتها لقواعد الحجاب الإلزامي، كانت فرصة لتنفيس الضغط عن المجتمع، لكنهم ما زالوا بعيدين كل البعد عن المجتمع ويعتقدون أن بإمكانهم تطبيق أفكار تعود إلى 1400 عام.
واتهم التيار الأصولي بأنه يعجز عن الإقرار بأن مشكلة المجتمع تكمن في التدهور الاقتصادي وأن «الغضب العام يشبه النار تحت الرماد».
كما اتهم روحاني خلفه ب«إفشال كل الجهود» التي بذلتها حكومته لإعادة الولايات المتحدة إلى «الاتفاق النووي» ورفع العقوبات عن طهران، فضلاً عن افتقارها لأي سياسة اقتصادية أو خارجية لإنقاذ البلاد.
ورأى روحاني في كلمته، التي ألقاها خلف الأبواب المغلقة أن حكومة رئيسي تقوم ب «أعمال لم يستطع كل أعداء النظام» أن يرتكبوها وهو الأمر الذي يهدد بقاء نظام الجمهورية الإسلامية برمته.
أما الرئيس الشعبوي الأسبق محمود أحمدي نجاد فقد اجتمع مع بعض أنصاره بنفس المناسبة في منزله بمنطقة نارمك وسط العاصمة الإيرانية، حيث أكد لهم أنه يفضل السكوت حالياً لأن هناك صراع في داخل الحكومة الحالية بين «مجموعات سلطوية»، على غرار «عصابات المافيا»، وللأسف فإن «رئيسي ينصاع كل يوم لجهة مقابل جهة أخرى في ظل افتقاره لسياسية واضحة يمكنه تطبيقها».
وأفاد أحد أعضاء حكومة نجاد بأن الرئيس الأسبق أكد للمجتمعين أنه عرض على رئيسي مساعدته، مشيراً إلى معاونة العديد من أنصاره للرئيس الحالي، لكن المشكلة تكمن في أن رئيسي شكل حكومة مختلطة من التيارات الفكرية لا يمكنها أن تقوم بتنفيذ سياسة موحدة بأي ملف. وأضاف المصدر أن نجاد لفت إلى أنه شرح وجهة نظره بشأن التضارب الحاصل بين أعضاء الحكومة الحالية للمرشد علي خامنئي.
وحذر نجاد المرشد من أن «طرفاً ثالثاً» من خارج الحكومة يقوم باتخاذ القرار ورسم السياسات التي ينصاع لها رئيسي، بحسب المصدر.
وحمل نجاد رئيسي مسؤولية ما يحدث اليوم من اضطرابات بالشارع وتسببه بأزمة اجتماعية يصعب لملمتها.
نهاية النظام
في موازاة ذلك، اجتمع الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي بأعضاء حكومته، أمس الأول، في مكتب «مجموعة باران» التابعة له ولأنصاره، حيث حذر من أن «النظام يواجه أخطر مرحلة منذ انتصار الثورة وللأسف فإن بعض الأصوليين والعسكر لا يهمهم ما يحدث ويتصورون أنهم يستطيعون فرض إرادتهم بالقوة».
وأكد خاتمي أن «جهود الإصلاحيين لحل أزمة النظام باءت بالفشل بسبب تعنت الأصوليين وإصرارهم على احتكار السلطة».
وشدد خاتمي على أنه اضطر لتقديم استقالته بسبب الخلاف حول قضية فرض القوانين الإسلامية على المجتمع بالقوة مع الأصوليين. وتحدث عن توقع الرئيس الراحل هاشمي رفسنجاني بأن يتسبب هؤلاء في إسقاط النظام في نهاية الأمر.
اختلاس ضخم
إلى ذلك، فجرت جريدة «اعتماد» قضية اختفاء مليار ونصف مليار دولار، بعد بيع قسم من أسهم شركة (هولدينغ الخليج).
ونقلت عن مصادر في التفتيش العام أن التحقيقات أظهرت أن أحد مساعدي وزير الاقتصاد إحسان خاندوزي ورئيس المصرف المركزي قاما بسحب المبلغ وتحويله من التومان إلى الدولار، للاستفادة من فرق السعر.
وقالت إن منظمة التفتيش طالبت وزير الاقتصاد رسمياً بإخطارها أين ذهبت الأموال التي يعتقد أنها تستخدم في عمليات مضاربة، لكنه لم يجب. وحسب المصدر فإنه منذ أمر الوزير بسحب الأموال وايداعها في حسابات حكومية أخرى كان سعر الدولار في السوق الموازية يعادل نحو 29 ألف تومان وحالياً تجاوز 43 ألفاً.