ذكريات امتدت إلى نحو 28 سنة أمضاها البريطاني آرثر كالدويل بين الأحمدي والمقوع، يرويها في كتاب صدر حديثاً عن مركز البحوث والدراسات الكويتية بعنوان «الأحمدي وخواطر وذكريات 1919 - 1977» ومن ترجمة عبدالخالق العلي.

حفل استقبال الملك سعود في نادي الحبارى

Ad

فكرة الكتاب، وكما وردت في شهادة مدير مكتب شركة نفط الكويت في لندن عبدالخالق العلي، جاءت من خلال وجود تجمع سنوي لقدامى العاملين في «KOC»، ممن عملوا في الكويت عقدي الخمسينيات والستينيات، وفي اللقاء الذي جمعهم عام 2016 كان الجميع على شوق للاستماع عن الكويت والأحمدي ونادي الحباري والاتحاد و«مستشفى ساوثويل»... ينقل العلي عن سيدة بريطانية تحدثت بحماس واعتزاز في رفضها تغيير مكان ولادتها في جواز سفرها البريطاني من «المقوع» إلى أي مكان آخر في بريطانيا.

وفي ذلك اليوم التقى على الغداء آرثر كالدويل، وتحدثا مطولاً عن الكويت والأيام الجميلة التي قضاها هناك، وطلب منه أن يكتب ذكرياته وأيامه في الشركة والأحمدي، ووصله رد بالموافقة، وجاءت هذه الذكريات على شكل خواطر قسمها إلى أربع خواطر، مع ملحق الصور والنص الأصلي باللغة الإنكليزية.

منظر من الجو لميدان الغولف في نادي الحبارى بالأحمدي

الخواطر لم تصل إلى 100 صفحة، في الأولى يحكي عن فرصة العمل في الكويت وكيف تمت، عندما عرف باسم الكويت عن طريق صديق له كان يعمل في مدينة عبدان، وكان ذلك عام 1949 يوم تسلم مبلغ 200 جنيه إسترليني منحت له قبل سفره مع شركة نفط الكويت مع خمسة آخرين موزعين على إدارات الإنتاج والطبية والمحاسبة، استقل طائرة مائية هبطت في مياه البحر بعيداً عن الشاطئ، مستخدمين قوارب صغيرة وفي أشهر الصيف، ومن هناك انقسموا إلى ثلاث مجموعات، بعضهم إلى الأحمدي وآخرون إلى الميناء، وبعثة إلى «وارة».

المفاجأة الكبرى

ويصف الرحلة إلى مواقع معسكرات العمل، قائلا إنه لم يكن هناك تكييف في السيارات، حيث مروا بمنطقة المقوع وشاهدوا الورش والمستشفى وأماكن السكن، حيث ظهر لهم في الأفق نيران مراكز التجميع 1 و2 و3 و4، واستقبلهم في معسكر وارة المدير الأميركي فريد هاف، وكان يقيم في الأحمدي، ورافقهم إلى مسكنهم... والمفاجأة الكبرى الأولى له عندما دخل قاعة الطعام لتناول العشاء، وهو واصل إلى هنا من دولة مازالت تتبع سياسة ترشيد كميات الطعام بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، فقد كانت كميات الطعام المقدمة مذهلة!

اليوم الأول من العمل كان في مركز تجميع رقم 1 في حقل برقان، والذي كان مركزاً لعمليات الإنتاج... وقضى الأيام التي تلت ذلك في التعرف على عمل الآبار، وأصبح «مشغل نوبة إنتاج» مسؤولاً عن الإنتاج في مركز التجميع... إلى أن أصبح هناك «برج حفر في حقل برقان ثم نقل إلى المبنى الرئيسي للشركة في الأحمدي ثم إلى إدارة صيانة الحقول...».

سينما في الهواء الطلق

وعملت الشركة على توفير وسائل الترفيه والراحة، فأوجدت سينما في الهواء الطلق بالأحمدي، تعرض أفلاماً مرتين أسبوعياً، والمواصلات والملاعب الرياضية وناديا لركوب الخيل، وجلبت الخيول من البصرة.

حفلة راقصة في نادي الحبارى

واستمر يعمل في الشركة حتى سبتمبر 1977، أي 28 عاماً وثلاثة أشهر، تزوج من جيرالدين لافي، كانت تعمل بالأشعة الطبية، وتم الزواج في الكنيسة الكاثوليكية بالأحمدي، ووصل الكويت وعمره 21 عاماً ورزق بثلاثة أولاد، ولدوا جميعهم في مستشفى المقوع ودرسوا بالمدرسة الأنجلو – أميركية.

تلقى دروساً باللغة العربية، وكانت اللغة الإنكليزية مقبولة حتى في المحلات والأسواق بمدينة الكويت، ساعد ذلك وجود جالية هندية كبيرة.

ذكريات

ووصف حياة المعسكرات والعاملين فيها واستخدام الحمير ونشاطات نادي الحبارى والصحراء ومواسم الجراد، وتحدث عن منشآت الشركة وأندية الأحمدي وصيد الأسماك وموسم الأمطار ونادي السيارات والعطلات المدرسية ومرافق الآبار التي كان شاهداً عليها.

وظيفته تلك مكنته من التقاعد مبكراً والاستمتاع بموطنه، وكان في غاية الحزن على ما تعرضت له المنشآت النفطية أثناء الغزو العراقي، ويختم رحلته بالقول: «قضيت حوالي 30 عاماً أساعد في تطوير الصناعة التي ساهمت في بناء الكويت، ولكني لم أستطع مواجهة العودة لتنظيف الدمار الذي تسبب فيه جشع وطمع الآخرين».