30 مليار دينار ضريبة الاقتراحات الشعبوية، منها 23 ملياراً لشراء القروض، وأكثر من 3.4 مليارات سنوياً لزيادة الرواتب والمتقاعدين... وغيرها من مجموع 65 مقترحاً قدمها النواب، كان ما سبق ببعض التفصيل نقلاً عن «مراقبين» هو مانشيت «الجريدة» أمس. اقتراحات شعبوية، تختلف عن اقتراحات شعبية، بإضافة حرف الواو، وهي قدر الدولة المربوط ببرميل النفط، يعني إضافة «أزم» بالإنكليزي، وحسب قاموس أكسفورد، تعني الشعبوية مخاطبة مشاعر العامة الذين يشعرون بأن حقوقهم وتطلعاتهم مهدرة من قبل النخب السياسية. كلمة شعبوية تحمل ضمناً معنى استغلال مشاعر الناس، والتكسب السياسي من أصواتهم.

هل هذا صحيح؟! ليس دائماً، في مثل أوضاع دولنا الخليجية وتحديداً الكويت صاحبة شعار «يارب لا تغير علينا»، المواطنة تاريخياً لم تستند إلى الولاء للدولة بإقليم محدد، وإنما إلى الولاء للأسر الحاكمة مثل الولاء لشيخ القبيلة أو الأب، وهيمنة هؤلاء على الحياة الفردية بكل صورها، وتكون العادات والتقاليد والدين الأساس للقانون الملزم، وبعد ثروة النفط تعمقت تلك الولاءات عبر «التضامنيات القبلية» كما سماها الراحل د. خلدون النقيب، وأضحى لدينا تلك الصور المدمرة لدولة الريع، فالمواطنة التي حددت لمجموعات «داخل السور»، واستبعدت العديد من أبناء القبائل الشمالية ولو كانوا من بادية الكويت، وكانت أكثرية قبائل الجنوب أفضل حظاً من إخوانهم الشماليين عبر التجنيس اللاحق، وحتى من داخل السور، كانت تراتبية طبقية حسب القرب للأسرة الحاكمة.

Ad

مفهوم «الشعبوية» لا معنى له اليوم، فهو مع مفردة «الشعبية» يعني ذات الشيء، إنصاف طبقة «الموظفين» العريضة الذين يشكلون الطبقة الوسطى وأكثريتها من أبناء القبائل، والولاء للسلطة يكون بقدر هذا «الإنصاف» الذي لم يكن لهم من نصيب في السابق في سياسة التثمين أو التفضيل في عقود الدولة، ويرى هؤلاء الأكثرية السكانية أن واجب من يمثلهم في البرلمان أن يطرح مثل ذلك الاستنزاف من ثروات الدولة، فهو يعني تحقيق نوع من العدالة، فإذا لم يفعل هذا نواب الأكثرية، فواجب الأسرة الحاكمة أن تصنع ما يمكن لتحقيق وتعميق هذا الولاء القائم على أن الجنسية هي امتياز مالي، فكانت في السنوات القليلة الماضية سياسة الكوادر المالية لمن هب ودب، وتم فتح صنبور العطاء والاستهلاك الريعي المدمر... والحكاية لم تنته، فستظل باقية لآخر نقطة نفط، وكان الله بالعون.