عدالة الرواتب... واقع وحلول
عند مراجعة برامج العمل الحكومي ستجدها تقوم على مفهوم الرفاهية المجتمعية من خلال رفع ملاءة الدولة المالية وتحسين دخول المواطنين والمقيمين مما يتطلب إجراء إصلاحات اقتصادية، منها معالجة تفاوت سلم رواتب الموظفين، لكن قبل الحديث عن عدالة الرواتب هناك بعض الحقائق التي لا بد من ذكرها ومنها:
- مخصصات الرواتب 13 مليار دينار كويتي دون حساب البنود الأخرى التي تقارب ملياري دينار من إجمالي ميزانية الدولة البالغة 23 مليار دينار، وهو رقم ضخم قابل للزيادة سنويا.
- متوسط رواتب المواطنين الكويتيين بحدود 1260 ديناراً، لكنه لا يعكس الحقيقة فمعظم الموظفين الجدد والمتقاعدين رواتبهم أقل من هذا الرقم، ناهيك عن وجود تفاوت كبير بين رواتب الموظفين بحسب الجهة التي يعملون فيها، وليس بسبب طبيعة الأعمال التي يؤدونها، بحيث قد يصل الفارق إلى أكثر من الضعف والأمثلة على ذلك كثيرة.
- المواطنون العاملون في القطاع الحكومي بحدود 367 ألفاً وفي القطاع الخاص 76 ألفاً، وهو دلالة على أن هناك خللاً بين الرقمين يستدعي ضرورة إجراء بعض التشريعات لإصلاح مسار سياسة التوظف في القطاع الخاص لجعله أكثر فعالية في استقطاب العمالة الوطنية، كما أن هذه الأرقام لا تعكس كل الحقيقة، وقد تكون خادعة إذا ما استثنينا بعض القطاعات الجادة كقطاع البنوك.
- بالرغم من وجود الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة فإن أداء هذا القطاع لم يحقق المرجو منه بسبب غياب السياسات الحكومية الداعمة والرعاية للمبادرين من خلال توجيههم وإعطائهم الأفضلية في مشاريع الدولة التنموية، وتخصيص مناطق صناعية وبأسعار عادلة للطرفين وتسهيلات مالية ولوجستية.
- لا توجد معالجة جادة تواكب معدلات التضخم والزيادات السنوية لا تكفي.
عند الحديث عن معالجة سلم الرواتب لا بد من تناول مشاكل مخرجات مؤسسات التعليم العالي (الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، جامعة الكويت، الجامعات الخاصة، المبتعثون من التعليم العالي التعليم) التي تشكل ضغطا على جهات التوظف لا سيما في القطاع الحكومي بسبب تكدس أعداد الخريجين في التخصصات العلمية والإدارية نفسها.
- التعليم لم يعد يقود حركة التطور والتنمية كما كان في السابق، فمعظم القيادات المسؤولة عن التعليم تمشي تحت الظل، وجلّ همها حل مشكلة قبول الطلبة بأي طريقة على حساب المخرجات واحتياجات سوق العمل الفعلية، أو أنها غير قادرة فعلا بسبب ضعفها وعدم قدرتها على مواجهة الضغوط السياسية أو لعدم إدراكها مفهوم أن التعليم صناعة واستثمار برأس المال البشري.
- سوق العمل الكويتي من الأسواق التي تتشبع بسرعة، ومع ذلك لا تسعى مؤسسات التعليم العالي إلى فتح تخصصات مرنة تنافسية ذات جودة عالية، تلبي احتياجات الدولة ومتطلبات القطاع الخاص تحديداً.
أخيراً: راتب لا يحقق العدالة ومستلزمات الحياة الضرورية لن يخدم مفهوم الرفاهية، وعلى الدولة اتخاذ التدابير اللازمة لبلوغ هذا الهدف، وكذلك إلزام مؤسسات التعليم بتوجيه مخرجاتها إلى العمل في القطاع الخاص والمشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال مشاريع قوانين ملزمة.
ودمتم سالمين.