فظاعات «بوكو حرام»
لا شك أنّ بخاري أحدث فارقاً، فقد بات الجيش النيجيري الضعيف يتلقى معدات وأسلحة بشكل أكثر انتظاماً، وتمكن هذا الجيش من طرد بوكو حرام من معاقل كثيرة كانت متحصنة فيها، لكن برهنت الغارة على قرية دالوري والكثير من العمليات الأخرى أن استعادة الأراضي ليست كفعل تدمير الحركة.
الغارة التي حدثت لقرية "دالوري" في شمال شرق نيجيريا تعدّ مروعة حتى في قاموس حركة "بوكو حرام" ومعاييرها، إذ حُرق الأطفال في الخيم، وتعرّض السكان الهاربون من لهيب النيران والرصاص لتفجيرات انتحارية ممن كانوا يركضون معهم، وكانت المحصلة آلاف القتلى وقرية محروقة بالكامل، ولم يبدُ زعم الرئيس محمد بخاري بتحقيق نصر "تقني" ضد المجاهدين الإسلاميين مقنعاً، فتلك حرب تحتاج إلى أكثر من بضعة انتصارات عسكرية يتيمة لتضع أوزارها. تشنّ حركة "بوكو حرام"، التي تترجم حرفياً بـ"التعليم الغربي معصية"، منذ سنوات حملة إسلامية دموية مهولة من الغارات والتفجيرات في شمال نيجيريا، وهي المنطقة الأكثر فقراً في البلاد، وقد حصدت الحركة شهرةً واسعة في عام 2014 بخطفها أكثر من 200 طالبة من المدرسة معظمهن ما زال مفقوداً حتى اليوم. ولم يبذل الرئيس السابق غودلاك جوناثان أي مجهود لاحتواء هذه الحركة أو تدميرها، وذلك تحديداً سبب خسارته الانتخابات في مارس الماضي لمصلحة بخاري، وهو جنرال سابق ودكتاتوري وعد باجتثاث بوكو حرام والفساد من الدوائر الحكومية كافةً.
لا شك أنّ بخاري أحدث فارقاً، فقد بات الجيش النيجيري الضعيف يتلقى معدات وأسلحة بشكل أكثر انتظاماً، وتمكن هذا الجيش من طرد بوكو حرام من معاقل كثيرة كانت متحصنة فيها، ولكن برهنت الغارة على قرية دالوري والكثير من العمليات الأخرى أن استعادة الأراضي ليست كفعل تدمير الحركة، وحين تتعرّض بوكو حرام لهجوم فكلّ ما عليها فعله هو الاختباء في الأرياف، لتعود إلى الظهور حين تسمح لها الظروف بذلك. وكما هي الحال مع الدولة الإسلامية يستخدم تكتيك بوكو حرام الإرهابي كأداة للتجنيد في المناطق الإسلامية الصرفة، خصوصاً تلك التي يتعاظم فيها الشعور بالازدراء تجاه الحكومة والجنوب المسيحي وجنود الجيش النيجيري الذين يمارسون فظاعات ضد حقوق الإنسان ولا يتوانون عن ملاحقة بوكو حرام بلا هوادة. ويعي الرئيس بخاري أنّ إلحاق هزيمة بالتمرّد الإسلامي الحالي يفترض الحصول على ثقة الشعب بقيادييه وبجيش بلاده، ومحاربة الفساد وتصرف الجيش المستبد من الأساسيات إن كان يأمل الرئيس الحصول على مساعدة من الغرب، ورغم أنّ الولايات المتحدة قدّمت مساعدات للجيش النيجيري، فإن القانون يمنعها من تقديم أي عون للوحدات العسكرية التي ارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان مثل تلك التي سُجّلت في شمال شرق نيجيريا. وفي أول زيارة رسمية له إلى واشنطن كرئيس في الصيف الماضي، تذمر بخاري من أنّ القانون هذا إنما يساعد بوكو حرام على النمو، فالحركة تستفيد من تصرف رجال الأمن الوحشي ومن فساد المسؤولين النيجيريين المتزايد، وهؤلاء أعداء ليس بوسع نيجيريا وحدها محاربتهم.