أرسطو ومدرسة الفكر السياسي

نشر في 17-04-2016
آخر تحديث 17-04-2016 | 09:43
 د. ندى سليمان المطوع نوجه دعوة إلى المهتمين بالإبداع في العلوم الفلسفية لإعادة استكشاف العلوم القديمة؛ لحماية زملائنا الباحثين الجدد من الهيكل الإداري «الطارد للكفاءات» البحثية والذي يتخذ من قوانين «الخدمة المدنية» عذرا... والترهل الإداري الحكومي سببا.

«يكون الناس أكثر حرصا وعناية بممتلكاتهم الخاصة بتلك المملوكة ملكية عامة». المفكر السياسي أرسطو في حديثه عن الأمور الاقتصادية عام 335 ق.م.

تحدثنا في مقال سابق أخي القارئ عن أفكار أفلاطون بين الفلسفة والفكرالسياسي, وقد أسعدني الجدال الذي أثارته المقالة عبر "التويتر" والبريد الإلكتروني تأييدا واعتراضا لبعض أفكار أفلاطون ومحاوره الفلسفية التي تركها في حقول السياسة, واليوم نواصل إعادة استكشاف أفكار وأساليب المفكرين في رسم النظم السياسية في فترة ما قبل الميلاد، ومحاولة الوصول إلى عوامل مشتركة تجمع بين الأمس واليوم, ونتناول سيرة "أرسطو" ذلك الفيلسوف اليوناني المنتمي إلى مفكري العصور القديمة ومؤسس المنهج المؤثر، وهو علم المنطق.

ومن الجدير بالذكر أنه في الوقت الذي نقوم كباحثين في علوم السياسة وفروعها بإعادة قراءة الفكر السياسي الغربي، نجد أنفسنا أمام أنماط مختلفة من النماذج الإدارية للدول, وسبل تطبيق الديمقراطية آخذين بعين الاعتبار أنه على الرغم من انتقاد بعض العلماء لأرسطو وأفكاره التي وصفت بأنها "شديدة الدونية", فإن البعض الآخر يراه رائدا في العلم والمعرفة, كمدرب شخصي سابق للإسكندر اليوناني, ومؤسس لـ"مدرسة اللقيون" التي أصبحت محط أنظار طالبي العلم آنذاك.

الغريب في الأمر أنه على الرغم من احتكار المدرسة لمؤلفات أرسطو، والتي لم تكن معدة للنشر إنما للنقاش فقط, ذلك لم يمنع بعض تلامذته ومفكري الدولة الإسلامية كابن رشد لترجمة ونشر بعض المؤلفات بعدد مماته بفترة طويلة اليوم نتساءل... ماذا كان يجري في مدرسة اللقيون من نقاشات ودراسات؟ ولماذا طبقا للباحثين "برتر وراسل" تعرض تراث أرسطو الفلسفي للإهمال الشديد بعد وفاته، ولم تنشر مؤلفاته إلا بعد أربعة قرون من وفاته؟ وما الذي جذب مفكر عربي أندلسي كابن رشد ليعيد استكشاف وتفسير أفكار أرسطو؟

دعونا نبحث في أبرز أفكار أرسطو التي كتبت قبل مئات السنين قبل الميلاد لعلنا نجد ما قد جذب بعض المفكرين والفلاسفة العرب آنذاك:

• موقف أرسطو من أهمية تركيب الأسرة كوحدة اجتماعية الأمر الذي عارضه فلاسفة كثيرون ومنهم أفلاطون.

• الدولة المثالية بالنسبة إلى أرسطو ذات طابع "أخلاقي" ETHICS وهدفها تحديد المواطن ونمط الحياة والدستور وشكل الحكومة.

• تميزت آراء أرسطو في القانون بتفسير صفة "العدل" وكل ما هو قانوني.

• صنع أرسطو جسرا من أفكار فلسفية ربطت بين كتابيه "السياسة" و"القانون", واضعا المواطن الصالح نصب عينيه بالإضافة إلى مفاهيم حول المصلحة العامة وحق المواطنة أبرزها حاجة الحكومة للقدر من الرضا الشعبي والقواعد القانونية.

خلاصة الحديث:

في الوقت الذي أضاع الغرب تراث أرسطو سعى الفيلسوف "المسلم العربي الأندلسي" ابن رشد في فترة ما بعد عام 1156م إلى استنباط أفكار خاصة بتكوين الدولة والديمقراطية والمواطنة الصالحة والبعد الشعبي في الإدارة الحكومية، وعلى الرغم من مقاومة أهل الأندلس لفكر ابن رشد وتكفيره وأبعاده لخوف مسلمي فرطبة من الديمقراطية والفلسفة معا، فإنه استمر في ترجمة التراث الفلسفي القديم... وهي دعوة نوجهها إلى المهتمين بالإبداع في العلوم الفلسفية لإعادة استكشاف العلوم القديمة؛ لحماية زملائنا الباحثين الجدد من الهيكل الإداري "الطارد للكفاءات" البحثية والذي يتخذ من قوانين "الخدمة المدنية" عذرا... والترهل الإداري الحكومي سببا.

back to top