أرسل إلي بالأسئلة، وظلت إجاباتي قيد التسويف.

Ad

كانت أسئلته متداولة وأليفة كدوائر حياتنا التي نعرفها، أسئلة تظل صالحة للطرح والمناورة في أي وقت وأي موضع على صفحات صاحبة الجلالة. كانت أسئلته مستديرة، وجاءت إجاباتي كذلك!

وها أنا أخيراً أطلق سراح تلك الإجابات على امتداد حلقتين متتاليتين.

* في البدء، أي لون من الكتابة يستهويكِ في هذه المرحلة؟

- كانت تستهويني كتابة الشعر والبحث الأدبي، وأزعم أن الأول عبّر عن جانبي الإنساني الإبداعي، وأن الثاني عبّر عن جانبي العقلي-العلمي وأرضى فيّ الرغبة في التواصل مع المشاهد الأدبية والثقافية، أما في هذه المرحلة فأنا أمارس لوناً من الاسترخاء النفسي والذهني بكتابة المقال في موضوعات عامة أجتهد أن أجعلها مناسبة لشتى الأذواق والتوجهات، مدفوعة برغبة أن تكون الصفحة الثقافية جاذبة ومبذولة للجميع.

* ما الدور الذي يلعبه المقال في الصحافة اليومية حاليا؟

- يمكن تلخيص دور المقال في الصحف اليومية بالآتي: تداول المعلومات، التحليل والتفسير، بيان للمواقف الشخصية والآراء الذاتية في حالة تمثيل الكاتب لنفسه، أو بيان سياسة الجريدة ورأي الجماعة والحزب في حالة تمثيله لغيره.

* إلى أي مدى يؤثر المقال في المتلقي أو رجل الشارع؟ وإلى أي مدى يستطيع أن يؤثر في القرار السياسي؟

- من الأمور الأكيدة أن المقال اليومي يؤثر في القارئ، في حالة امتلاك كاتبه أدوات الكتابة الحقيقية وشروطها، كوضوح القضية في ذهن الكاتب، واحترامه لعقل القارئ وذوقه، ومنطقية خطابه، وبعده عن المهاترات والإسفاف، وجاذبية لغته وأسلوبه، يضاف إلى ذلك توافر ما يميز كاتب المقال من خط فكري واضح يمكن الاستدلال عليه من خلال ما سبق ذكره، أما ما يتعلق بتأثير المقال في القرار السياسي فأتصور أن المقال يمكن أن يكون عامل ضغط في هذا المجال، خاصة إذا عبّر عن رأي شريحة واسعة من المواطنين أو الجمهور.

* هل تعتقدين بقدرة المقال على التأسيس لفكر أو مشروع تنموي؟

- لا أعتقد أن المقالات اليومية في الصحف تؤسس لمشاريع تنموية أو غيرها حتى في الصحافة العالمية، لأن ما يؤسس لمثل هذه المشاريع هو الدراسات والبحوث ومراكز المعلومات، التي قد تستعين بالصحافة لنشر ملخصات أو تعليقات عن هذه الدراسات والبحوث والإحصائيات، وحتى عندما يهتم كاتب المقال بمثل تلك المشاريع النهضوية، فإنه يعود إلى تلك المراكز البحثية لتمده بالمعلومات والأرقام والإحصائيات، وفي رأيي أن المقال الصحافي يظل مجرد مقال صحافي خاضع للانطباع الشخصي والرأي ووجهة النظر لا أكثر ولا أقل، ومن هنا وحتى لا يتم الخلط بين الكاتب الصحافي والباحث فقد وُجد ما يسمى بالمجلات المُحكِّمة، وهي المجلات المتخصصة بنشر ما يؤسس فعلاً للمشاريع التنموية والثقافية والعلمية وغيرها، وانطلاقاً من هذه البحوث والدراسات يمكن الدخول إلى جذور مشكلات المجتمع، والتخطيط لتجاوزها أو الحد منها، وهذا ما يؤسس بطريقة علمية لهدف التنمية وليس التعويل على انطباعات الكتاب الصحافيين وآرائهم الشخصية التي قد تنقصها الدقة والموضوعية، وتشوبها شوائب الهوى والميل والمبالغة.