الكويت ووجود المنظمات الدولية على أرضها... الشروط والتفاعل... والإفادة معظم مكاتبها وجدت بعد عام 1990 بسبب الغزو العراقي

نشر في 28-03-2008 | 00:00
آخر تحديث 28-03-2008 | 00:00

تتسابق العديد من الدول في عالمنا اليوم لاستضافة مكاتب تمثيلية لمنظمات دولية عريقة في مجالات وتخصصات مختلفة، ويقف وراء هذا التسابق أسباب متعددة أهمها الحاجة إلى المساهمة في حل افرازات الحروب، أو معالجة خلل اقتصادي أو اجتماعي ما، وتتوافر في دولة الكويت شروط الاستضافة وأهمها الاستقرار السياسي، والمصلحة المشتركة، والملاءة المالية للدولة.

ماذا يعني وجود تمثيل لعدد من مكاتب المنظمات الدولية والاقليمية على ارض دولة ما؟ وما الميزة التي تجنيها الدولة المضيفة ولا تكون متاحة لغيرها لكون منظمة ما لها تمثيل على ارضها؟ كيف يمكن للمؤسسات الرسمية والمدنية أن تتواصل مع ممثليات تلك المنظمات؟ وما القانون المنظم للمكاتب التمثيلية للبعثات المختلفة؟ وأسئلة أخرى كثيرة نحاول في هذا الملف البحث عن اجابات لها من خلال استطلاع دور بعض المنظمات الدولية والاقليمية في الكويت.

ترتبط معظم الدول اليوم باتفاقيات تعاون أو اتفاقيات مقر تستضيف من خلالها عشرات المنظمات الدولية والاقليمية التي تعمل في مختلف المجالات التنموية والاقتصادية والسياسية والحقوقية والبيئة وغيرها.

وهناك أسباب مختلفة تقف وراء قرار الحكومات استضافة مثل هذه المنظمات أو الممثليات. أولها الجانب المصلحي، الذي يأتي بعد معاناة دولة ما من مشكلة كنتائج الحرب أو انتشار أوبئة معينة، وثانيها إيمان الدولة بأهمية الرسالة التي تقدمها منظمات معينة في مجال حقوق الإنسان أو القانون الدولي للانسان أو التوعية البيئية أو التنمية بشكل عام، وثالثها أن يأتي بناء على قرار تكتل إقليمي وبالتوافق على دولة معينة تكون حائزة شروط الاستضافة، ومنها الاستقرار السياسي والقدرة على المساهمة في التمويل المباشر أو غير المباشر من خلال الاعفاء من الايجارات، أو منح أرض بالمجان لاقامة مقر المنظمة عليها وهكذا.

ودولة الكويت تعتبر نموذجا في المنطقة في مجال استضافة المنظمات، حيث توجد فيها العديد من المنظمات المتخصصة في أكثر من مجال، سواء كانت دولية أو اقليمية وسيكون الحديث في هذا الجزء عن بعض مكاتب التمثيل الخاصة بالمنظمات الدولية.

ويتضح أن الجزء الأكبر من تلف المنظمات قد وجد بعد الغزو العراقي لدولة الكويت، وذلك بهدف التعامل وإدارة اثار الحروب المدمرة في منطقة الخليج والتي اختتمت بغزو النظام العراقي عام 1990، ونتج عن هذه الحروب ملفات انسانية معقدة كالأسرى والمفقودين والتهميش، الذي طال شرائح اجتماعية مختلفة في بلدان المنطقة وغيرها من المشاكل، إلا أنه لا يعلل وجودها معالجة آثار الحروب فقط، رغم أنه الهدف الرئيسي، فهناك خدمات متنوعة تقدمها هذه المكاتب لمؤسسات رسمية في الدولة، ومنها ما يتعلق بالتوعية والاستشارة والتدريب كما هي الحال بالنسبة إلى مكتب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الذي يقوم بالتدريب في مجال التوعية بالقانون الدولي الانساني في سلك الجيش والشرطة وموظفي العدل مثلا، وينطبق الأمر كذلك على مكتب الأمم المتحدة للإنماء الذي يقدم خدمات مهمة لوزارات الدولة في مجال التخطيط الاجتماعي.

وترتبط شروط عدة بوجود المنظمات الدولية والاقليمية على ارض دولة ما، ومن تلك الشروط وجود بيئة تشريعية تحتضن وجود هذه المنظمات، إضافة إلى الاستقرار السياسي الذي تتميز به الدولة والقدرة على المساهمة في بعض التكاليف المادية للوجود مثل منح الاراضي المجانية أو الاعفاء من ايجار المقر، وتتسابق الدول اليوم إلى استضافة تلك المنظمات وتحمل تكاليف باهظة نتيجة لذلك، فعلى خلفية اعتماد سويسرا (وهي بلد المنظمات الدولية) للقانون الفدرالي لدولة المقر من قبل البرلمان في 22 يونيو 2007، والذي دخل حيز التنفيذ في يناير 2008 أعلن أن حجم الدعم الذي تقدمه الدولة إلى بعض بعثات الدول النامية أو المنظمات الأممية أو غير الحكومية بمساعدتها على متابعة نشاطاتها سيكون في الفترة من عام 2008 حتى 2010 بحوالي 45 مليون فرنك مضافا إليها مبلغ يتراوح ما بين 21 إلى 45 مليون فرنك كقروض من دون فائدة مدة 50 سنة، لمساعدة المنظمات في بناء مقرات لها في الاراضي السويسرية.

وتتبع الكويت مثل هذه السياسة لكونها تحوز معظم شروط الاستضافة التي تحدثنا عنها، ومنها الاستقرار السياسي، والملاءمة المالية للدولة، وعلى سبيل المثال تخصص بمبلغ 20 مليون دولار لما يطلق عليه «إطار التعاون الوطني» الخاص ببرنامج الأمم المتحدة الانمائي والمنسق المقيم للأمم المتحدة UNDP.

ويمكن استعراض المنظمات الدولية التي تستضيفها الكويت بالآتي:

أولا: مبنى بيت الأمم المتحدة الجديد: والذي أهدته الكويت للأمم المتحدة ليضم أربعة مكاتب تابعة لها هي: برنامج الأمم المتحدة الانمائي والمنسق المقيم للأمم المتحدة ويرمز له بـUNDP، ومكتب المنظمة الدولية للهجرة ويرمز بـ IOM، ومكتب منظمة العمل الدولية ويرمز له بـILO، ومكتب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ويرمز له بـUNHCR.

ثانيا: بعثة الأمم المتحدة المساعدة في العراق UNAMI، وهي بعثة حددها قرار مجلس الأمن رقم 1546 لمساعدة الشعب والحكومة في العراق في المجال السياسي والتنمية وإعادة الاعمار، بسبب الأوضاع الأمنية في العراق، وذلك بالتنسيق مع الجهات الحكومية وعلى رأسها وزارة الخارجية الكويتية.

ثالثا: الهيئة الدولية للجنة الدولية للصليب الأحمر ICRC ويغطي وجودها الاقليمي جميع دول الخليج العربي وتهتم بجميع مخلفات الحروب التي دارت رحاها في المنطقة، وهي تروج للقانون الدولي الإنساني واحترامه من قبل الدول، اضافة إلى الأدوار الأخرى مثل استئناف الصلات بين الأقرباء الذين فرقتهم الحروب.

وباستثناء مكتب منظمة العمل الدولية الذي أنشئ في عام 1970، فإن المكاتب الأخرى كانت في فترة ما بعد الغزو العراقي لدولة الكويت.

back to top