* في الأسبوع الماضي انهالت على بني «موبايل» الرسائل النصية المكرسة للتنديد والسخرية من تعثر حسم مسألة زيادة الرواتب وتسويفها، ذلك أن كثيراً من المواطنين والمقيمين ينتظرون هذه الزيادة المأمولة بفارغ الصبر!

Ad

ومن هنا تباينت ردود فعل المواطنين بشأن الزيادة كما تبدت لي من تعليقات المواطنين قراء «الجريدة» من موقعها على النت، فثمة من قال: شكراً على الزيادة، وهناك من أضاف: شكراً ولكن، وزيادة «تفشل» ومخزية! كمن صام طويلاً وأفطر على بصلة! رغم أن البصل نفسه غال وليس كما كان حين نحُت هذا المثل الشائع أيام كان البصل والعسل رخيصين مقارنة بسعرهما هذه الأيام،

الوحيدون الذين لاذوا بالصمت هم: أولئك الذين لا يحفلون بالزيادة، وهم أصحاب الرواتب السخية، وذوو الدخول العالية، وهنا تكمن علة الزيادة التي حرص القيمون على إقرارها أن تكون سواسية و«عادلة» بين المليونير و«المديونير»، ولا تفرق أبداً بين أصحاب الدخول المحدودة وبين موالي الدخول الثرية!

* لقد اختارت الحكومة الرشيدة الصيغة التي تظن أنها تدرأ عنها صراع الشكاوى والتذمر الذي ستبلى به من جراء عدم قبول المستورين بهذه الزيادة الشحيحة التي سيبلعها غول الغلاء الشرس وجشع العديد من التجار ومحلات البيع والتسوق الاستهلاكي. وإذا صحت هذه «التخريجة»... كان الأجدر بالحكومة الرشيدة تجيير شيك الزيادة لمصلحة كيس وصندوق وحساب: الجمعيات التعاونية، وتجار الجملة، والأسواق التجارية المتأججة بحمى التسوق الاستهلاكي التي تأكل الأخضر واليابس في مواطن أصحاب الدخول المحدودة، من دون أن يرف لها جفن الرحمة والرأفة بهم!

فكل زيادة في الرواتب، مهما كانت سخية، تجابه من قبل أغلب التجار، بزيادة الأسعار. فلو أن الجهات المختصة حددت أثمان السلع، وحرصت على لجم جشع التجار وتقييده بالقوانين الصارمة، لكانت الزيادة مجدية ولها معنى ووظيفة تحقق للمواطنين والمقيمين الحد المقبول من الحياة الآمنة، ذلك أنه «إذا لم يتضمن النظام الوسيلة لضمان تطبيقه فلا بقاء له، حسب الأستاذ «نجيب محفوظ» في «رحلة ابن فطومة». وإذا غاب هذا النظام أو غُيِّب، فإن مسلسل الغلاء ومجابهته بعلاوات غلاء المعيشة وزيادة الرواتب، سيستمر ويتواصل إلى ما شاء الله، ولن تكون نهايته سعيدة كما في الأفلام الهندية والمسلسلات العربية الطافحة بالتفاؤل المجاني! إن الزيادة بدت لي مثل «رشوة» عاجلة لإسكات الأصوات المحتجة على الغلاء الفاحش. وإذا صح هذا «الزعم»، فإن المحتجين لن يكفوا عن المطالبة بالزيادة كما أسلفت. ولو أنها راعت بداية أن تكون «اطرادية» بحسب ضعف الراتب وقلته لكانت أكثر عدلاً، وأجدى لذوي الرواتب المحدودة الذين هم أولى بها وأجدر.

* وغلاء الأسعار؛ بلية حياتية يعانيها الفقير المواطن والمقيم على حد سواء، وربما يكابدها الأخير أشد من المواطن... إن لم يكن مثله، لكن المقيم لا يحفل بمعاناته الإخوة النواب!

ربما لأنه لا ينتخب النواب ولا يختارهم، ولذلك تم منحه زيادة لا تغني ولا تسمن من جوع وفقر وأقساط مستمرة طوال إقامته في البلد! والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما جدوى استعانة الحكومة بمؤسسات دولية مختصة، إذا كانت الحكومة نفسها لا تحفل بتوصياتها، وكأنها لذر الرماد في العيون ليس إلا!

إن الزيادة العشوائية غير المدروسة لن ترضي المستورين ولا تعني الميسورين. ولن أعجب لو كان شعار الناس هو: «كلما قلت له خذ، قال: هات!» وهيهات أن تفضي هذه الوسيلة إلى رضا أحد سوى التجار الجشعين الذين تخالهم لا يرتوون أبداً، وكأنهم يشربون ماء مالحاً... والعياذ بالله!