إن جميع القوى السياسية مطالبة بتقديم رؤاها وبرامجها الانتخابية لترشيد العملية السياسية والانتخابية، وعلى القوى السياسية الدينية خصوصا الإخوان المسلمين «حدس» والتجمع السلفي، إن كانت تطرح نفسها كقوى سياسية مؤمنه بالديموقراطية، التوقف فوراً عن تقسيم المجتمع الكويتي والعبث بالممارسة الديموقراطية. طويت الآن صفحة النظام الانتخابي الفاسد الذي أنتج لنا مجلس أمة مشوهاً اعتمد بعض الأعضاء في الوصول إليه على العلاقات الشخصية والقبلية والعائلية والطائفية الضيقة وعلى شراء الأصوات ونقلها وليس على برامجهم السياسية أو فكرهم أو قدراتهم البرلمانية. وكان واضحاًَ مع مرور الوقت أنه كلما استمر العمل بهذا النظام الانتخابي الفاسد ازدادت الأزمات السياسية. هذا لا يعني، بالطبع، أن الوضع السياسي سيتغير بين ليلة وضحاها فمتطلبات الوضع السياسي السليم ليست فقط نظاماً انتخابياً جيداً، قد لا يوفره كاملا نظام الخمس دوائر، إنما هناك أشياء أخرى كثيرة يجب توافرها في مقدمتها التطبيق الكامل والسليم للدستور والسماح بالأحزاب السياسية واعتماد نظام انتخابي يتناسب ووضع المجتمع كنظام الدائرة الواحدة والقائمة النسبية.
ومع أن الحكومة تتحمل المسؤولية الأكبر عن كل الأزمات السياسية التي مر بها البلد، إلا أن مجلس الأمة يتحمل قدراً لا بأس به من المسؤولية أيضاً. فقد كان مستوى الوعي السياسي لبعض أعضاء المجلس المنحل متدنياً، فلم يستطيعوا تشخيص المشاكل الأساسية التي يعانيها البلد، وكانت أولوياتهم تتمحور حول أشياء مصلحية وقتية، وافتقدوا التعامل السياسي الراقي وتطبيق مبدأ المواءمة السياسية. وانعدم النضج السياسي في الخطاب العام الذي استخدمه هؤلاء الأعضاء، وكثر استخدامهم لغة حوار سطحية وكلمات نابية و«شوارعية»، لذا غالبا ما يردد هؤلاء النواب عبارات جارحة ومصطلحات لا معنى سياسيا لها مثل «نحن نعبر عن مطالب الشارع» أو «لن ترهبنا العودة للشارع» فحتى كلمة الشعب أو الناخبين أو الناس غابت عن خطابهم فلم يعودوا يستخدمونها!!
لذا كان هناك تذمر شعبي واضح، وبحق، من أداء مجلس الأمة المنحل الذي يروج بعضهم زوراً وبهتاناً أنه تذمر من الديموقراطية!!
الآن وقد حُلّ المجلس، فإن علينا أن نترجم حالة التذمر وعدم الرضا على أداء المجلس المنحل لشيء عملي، فالكرة الآن في ملعبنا، نحن الناخبين، فنحن من سيحدد تركيبة المجلس القادم. ولا عذر لنا بعد اليوم إن لم نحسن الاختيار.
إننا مطالبون الآن أكثر من أي وقت مضى أن نأخذ زمام المبادرة، فقد رأينا كيف أن الممارسات البرلمانية السيئة تعيق تطورنا التنموي والسياسي وقد تستخدم لتشويه الديموقراطية من قبل من يريد الانقلاب على النظام الديموقراطي.
لا بد أن نعي جسامة المهمة الوطنية الملقاة على عاتقنا، فنحن الأمة، مصدر السلطات جميعا، وبيدنا الآن تحديد مستقبل وطننا، وكلمتنا ستكون هي المحدد لمصيرنا ومصير أجيالنا القادمة، لذا فلا بد أن نختار الوطن أولا وليس أي شيء آخر.
لابد أن نختار من يتبنون برامج سياسية وطنية تتضمن رؤية واستراتيجية محددة لكيفية بناء وإدارة الدولة المدنية الديموقراطية العصرية، وتحتوي على تحديد للسياسات العامة الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والثقافية الواجب على الحكومة تبنيها. وليكون خلافنا وتنافسنا على البرامج الانتخابية وليس على الأشخاص.
من هنا فإن جميع القوى السياسية مطالبة بتقديم رؤاها وبرامجها الانتخابية لترشيد العملية السياسية والانتخابية، وعلى القوى السياسية الدينية خصوصا الإخوان المسلمين «حدس» والتجمع السلفي، إن كانت تطرح نفسها كقوى سياسية مؤمنه بالديموقراطية، التوقف فورا عن تقسيم المجتمع الكويتي والعبث بالممارسة الديموقراطية من خلال مشاركتهما وتشجيعهما ورعايتهما للانتخابات الفرعية القبلية والطائفية، وهذا ما يتعارض مع العمل الديموقراطي الحقيقي ويعتبر من الوسائل غير الديموقراطية المحظورة قانونا، فوطننا لا يحتمل المزيد من العبث السياسي ومفروض أن تلتزم هذه القوى بالديموقراطية، إن كانت حقيقة تؤمن بها وبضرورة ترشيد العمل السياسي.
فكما أننا نطالب الأطراف الحكومية والشخصيات المتنفذة بضرورة الالتزام بعدم التدخل في الانتخابات، فإننا نطالب الإخوان المسلمين «حدس» والتجمع السلفي بالكف عن رعايتهما للانتخابات الفرعية.