أعداد الناخبين تضاعفت والناخبات بحاجة إلى أدوات جذب أخرى

Ad

مع تقليص الدوائر الانتخابية من 25 دائرة الى 5 دوائر وتضخم أعداد الناخبين في كل دائرة لتصل الى أرقام كبيرة ومضاعفة خلافاً لنظام الـ25 دائرة، فانه بات من الأمور المقلقة لمرشحي عضوية مجلس الأمة القادم قضيتا تمويل حملاتهم الانتخابية، والنشاط الدعائي والاعلامي المصاحب لها.

وبحسب احصاء العام 2006 الوارد بسجلات وزارة الداخلية، فان اجمالي أعداد الناخبين ذكورا واناثا قد بلغ 346794.

كان مرشحو آخر انتخابات برلمانية قد ركزوا جهودهم على أعداد الناخبين الذكور في دوائرهم الانتخابية، فان اضافة أعداد الناخبات، وانضمام مناطق جديدة الى دوائرهم قد زاد من عبء الأعداد للحملة الانتخابية التي ستكون هي مضاعفة بالنتيجة. وفي ما مضى كان أعداد الناخبين الذكور على مستوى الكويت 145338 ناخبا، وبعد اقرار القانون الخاص بمنح المرأة حقوقها السياسية أضيف عدد 194911 ناخبة جديدة الى المجتمع الانتخابي.

وأمام هذا التحدي، هناك أسئلة عديدة يمكن تداولها استعدادا للانتخابات القادمة أيا كان موعدها سواء الرسمي، أو غير الرسمي الذي قد يأتي بمرسوم حل آخر لمجلس الأمة قبيل انتهاء فترة انعقاده الدستورية.

 أصحاب النفوذ

 وأهم تلك الأسئلة هي: هل سيكون موضوع الترشح للانتخابات حكرا على أصحاب النفوذ والملاءة

المالية ؟ والاجابة على مثل هذا التساؤل قد تكون مبدئيا بنعم، على اعتبار أنه لايوجد أي تنظيم أو قانون يحدد ضوابط تمويل الحملات الانتخابية بشكل يراعي المستوى الاقتصادي للمرشحين فى الكويت، ويعطي فرصة متساوية لكل مرشح مهما كانت حالته المادية، ومثال على ذلك تحديد ضوابط للاعلانات وعدد الأماكن المتاحة لوضع اعلانات المرشح عليها، وغيرها من المسائل التفصيلية. وقد رأينا في آخر حملة انتخابية كيف كان بعض المرشحين يتنافسون ليس في الطرح السياسي بل بمظاهر البذخ في الصرف المادي الى حد ممجوج ولا علاقة له بالعمل السياسي وهو امر قد يؤثر في امزجة بعض المرشحين قليلي الوعي.

 

إدارة الحملات الانتخابية

 

والسؤال الثاني هو: هل ستتغير ملامح جهاز المرشح القائم على ادارة حملته الانتخابية؟ والاجابة على مثل هذا السؤال ستكون بالتأكيد نعم، فتوزيع الدوائر الانتخابية الحالي بالمناطق التي تضمنتها ستكون عبئا على المرشح، اذ أن عدد الدواوين أصبحت أكثر ، وهو ما يتطلب عبئا ومجهودا مضاعفا على الفريق المساند للمرشح وحملته الانتخابية، كما أن أعمال التواصل والاشراف على المقر وزيارة المنازل والدعوة للندوات والمناظرات، والتعامل مع وسائل الاعلام سيكون بالتأكيد عبئا يتطلب من المرشح زيادة أعداد العاملين في فريق حملته الانتخابية، الأمر الذي يتطلب ايجاد مقرات متعددة في مناطق مختلفة من دائرته الانتخابية على شاكلة المراكز الاعلامية المتفاعلة مع جمهور الناخبين.

ويطرح تضاعف أعداد الناخبين سؤالا ثالثا عن مدى حاجة المرشح الى مندوبين ووكلاء في مراكز الاقتراع التي ستزداد حتما وهو ما يتطلب زيادة عدد هؤلاء ليتمكنوا من مراقبة عملية الاقتراع بالتزامن مع وجود وكلاء النيابة الذين تفرزهم وزارة العدل للاشراف القانوني على الانتخابات.

 الأحزاب السياسية

 وأمام مثل هذه التساؤلات التي ربما كانت اجاباتها سهلة، فهناك أوضاع ربما ستنتج عن أول تجربة لاختبار نظام الدوائر الخمس، وسيترتب عليها اعادة النظر في كثير من الأمور وخاصة تلك المتعلقة بأدوات العمل السياسي في الكويت، وعلى رأسها الحاجة الى أداة الحزب السياسي الذي يفترض فيه أن يوفر المال والدعاية والاعلام الكافيين لأي مرشح تحت لوائه، بدل العمل الفردي الحالي الذي يعكس صورة شخصانية عن العمل السياسي والبرلماني في الكويت. وهذا الوضع – أو هذه الحاجة إلى أداة الحزب السياسي – ستكون من ضمن الأحاديث المطروحة مستقبلا في الكويت لأنه سيكون عسيرا على كثير من الأفراد خوض غمار الانتخابات من دون الاستناد الى حزب سياسي، الأمر الذي سيعجل بانضاج الحوار لتحويل الكتل السياسية كالاخوان المسلمين، والسلف، والليبراليين الى كيانات سياسية يضبطها قانون الأحزاب، كحال أكثر الديموقراطيات في المنطقة العربية.

 المفوضية العليا للانتخابات

 أما الوضع الثاني المرشح لأن يكون مادة لحوارات المستقبل فهو في ايجاد صيغة مغايرة لعملية ادارة الانتخابات التي تشرف عليها وزارة الداخلية في أكثر من صورة وموضع، وكذلك وزارة العدل من خلال وجود وكلاء النيابة. ومن الأفكار المطروحة في هذا الصدد ما يحدث في دول عديدة قد تكون مجاورة لنا كالعراق وهي صيغة المفوضية العليا للانتخابات التي تسير باتجاه تمدين العملية الانتخابية وابعاد أي صبغة لاشراف عسكري عليها. وفكرة المفوضية هذه تلاقي بحسب جهود التنمية الدولية أهمية كبيرة في تطوير العملية الانتخابية ثم السياسية بشكل عام، عبر طرحها ضوابط تخص الرقابة على الانتخابات، وتنظيم الترشح والتصويت وفرز الأصوات واعلان النتائج وشروط العضوية وأخلاقيات الدعاية الانتخابية، وغيرها من التفاصيل التي لم يعد قانون الانتخاب الكويتي يستوعبها بل انه لم يتطرق إليها بالأساس.

هذه بعض الأفكار التي يمكن أن تكون مادة للحوارات السياسية المستقبلية في بلد كالكويت، والذي لم يمس التطوير والتنمية أدوات العمل السياسي فيه طوال عقود منذ بدء الحياة الدستورية في بداية الستينيات.

وليس هناك شك في أن الدوائر الخمس سينتج عنها الكثير من المظاهر السياسية والاجتماعية والادارية والقانونية، وستشكل مادة خصبة للباحثين والمختصين بالشؤون الانتخابية.