يعتقد أصحاب فيلم «ورقة شفرة» أنهم يقدمون سينما خفيفة وظريفة، والحق أنه أقرب إلى «الاستظراف» وثقل الظل الشديد وإلى الاستخفاف بالجمهور وبالفن وبمعنى الجدية.

Ad

وهو ليس من السينما أصلاً، من حيث بديهيات وأوليات الدراية بالسينما كحرفة، ناهيك عنها كرؤية أو جماليات.

الفيلم مجرد شريط يحمل صوتاً مزعجاً وصورة بلا معنى، تتراكم لقطاتها لتصل إلى جملة مفيدة فحسب.

أخرجه أمير رمسيس وكتبه أحمد فهمي وهشام ماجد، ولا يوجد مبرر أو معنى للحديث عن إخراج في هذا الفيلم أو سيناريو أو حوار أو تصوير أو مونتاج، أما التمثيل فهو مشكلة أخرى وطامة كبرى.

يقوم بالبطولة خمسة وجوه جديدة، ثلاثة من الشباب وفتاتان. نبحث عن الموهبة التي رشحت هذه الوجوه لأداء هذا العمل أو التي دفعتهم إلى التمثيل أصلاً، فلا نجد.

الفيلم محاولة ساذجة لتكرار تجربة فيلم «أوقات فراغ» حيث الاعتماد على وجوه جديدة من الشباب، لكن شتان بين هذا وذاك، ففي الثاني كان الممثلون الجدد موهوبين جميعاً، وكان معهم مخرج مقتدر هو محمد مصطفى على الرغم من أنه يقدم فيلمه الأول، ولم يلبثوا أن أكدوا موهبتهم وجديتهم في التجربة الثانية فيلم «الماجيك»، في موسم 2007 الفائت، وهو فيلم ظلمه بعض المعلقين عليه بأحكام متسرعة.

في «أوقات فراغ» منتج كبير نابه هو حسين القلا، وتجربة إنتاجية حقيقية جادة، أما «ورقة شفرة» (إنتاج اتحاد الفنانين وفيلم كلينك) فلا إمكانات ولا حتى مقدرة على الاستفادة من أي إمكانات متواضعة متاحة.

لا نرى، وعلى مدار ساعتي «ورقة شفرة»، إلا مجموعة شباب، يسافرون ويلفون ويدورون، بحثاً عن كنز، كان أحدهم (فايز) قد اكتشف في المكتبة القديمة التي ورثها عن جده ما جعله يعتقد بذلك. هم لا يكفون عن البحث، على نحو يجلب الملل الكامل، وفي السياق طبعاً «حواديت» لحب ينمو بين شابين من الثلاثة والفتاتين وإحداهما لبنانية، لكن قصص الحب تنسج بدورها بطريقة تقليدية ضعيفة «متلعثمة».

أما والدة أحدهم (يدعى في الفيلم بدير)، فإنها لا تكف، في كل مشهد تظهر فيه، عن أن تسب ابنها وتلعنه، ولا نجد لهذا الأمر سبباً سوى أن أصحاب الفيلم يتصورون أيضاً أن في ذلك دعابة أو ما يمكن أن يجلب الدهشة أو الابتسام، لكنه جاء كنوع من ثقل الظل الشديد.

يدعو وضع السينما المصرية راهنا إلى الشفقة، فهي تحاول أن تخرج من سيطرة اللون الواحد (الفكاهي) على امتداد عشر سنوات كاملة، لكن الذي تعرضه كله منذ أشهر عدة، وخاصة منذ بداية عام 2008، هو هزيل وركيك.

وتحاول حالياً أن تقدم نوعاً من الـ{أكشن» أو الفيلم البوليسي أو ما يقترب من طابع الرعب لكن بصورة بالغة السذاجة.

في «ورقة شفرة» «يحشرون» جريمة قتل أحد الأشخاص الذي كان يريد شراء المكتبة ليظهر بغتة ضابط غريب الأطوار للبحث عن القاتل وعن الكنز المفقود.

اعتقدنا أن فيلم «لحظات أنوثة» هو أكثر أفلام عام 2008 ركاكةً وتخبطاً، لكن المفاجأة كانت في وجود الاسوأ المتمثل في «ورقة شفرة».

على الأقل كان في الاول شيء من «الروح» والحيوية منحتهما جومانة مراد وحسين الإمام، ولم نجد في الثاني سوى القاسم المشترك بين الفيلمين وهو جمود وتحجر الوجوه الجديدة. إلى جانب أنه لا يوجد إخراج بل لا يوجد فيلم.