لقد حزنت حد الأسى والألم - وأنا على البعد - حينما تنامى إلى سمعي أن مؤسسة الكويت للتقدم العلمي قد حجبت جائزة الكويت هذا العام للآداب عن الشاعر الدكتور خليفة الوقيان، ومبعث أساي وحزني أنني أولاً من أشد الناس غيرة على الثقافة وفخراً بها في الكويت، لأن لها الفضل العظيم في تكويني الثقافي والإبداعي أيضاً، إن كان هناك ثمة من إبداع يذكر، ثم لأنني ثانياً قد أسهمت بقدر متواضع في نسج خيوط قليلة من ذلك النسيج الثقافي الهائل، الذي جعل للكويت احترامها لدى سائر المثقفين في الوطن العربي، ولعلي لا أجد غضاضة أن أذكر أننا حينما كنا نناقش جريمة صدام حسين احتلال الكويت، أن «بعض» المثقفين الذين كانوا يؤيدون ذلك الاحتلال كانوا «يخرِسون» تماماً، حينما تُذكّرهم بفضل الكويت الثقافي على كل مثقفي الأمة العربية، من خلال مناخ الحرية النادر الذي كانت تُهيئه الكويت لانطلاق الثقافة والفكر الحر، وإصدار المطبوعات القيّمة التي أسهمت في بناء الثقافة العربية، بدءاً من مجلة العربي، وعالم المعرفة، وسلسلة المسرح العالمي، وعالم الفكر والثقافة العالمية، وغيرها من الإصدارات المهمة التي تمتلئ بها المكتبات المنزلية لأولئك المثقفين، نظراً لاتساع شبكة توزيعها وضآلة سعرها، رغم مادتها الثمينة القيّمة.

Ad

وبالطبع، كنا نذكّر أولئك المثقفين «الجاحدين» بدور المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ممثلاً بأسماء رموز لها احترامها الكبير في العالم العربي، بدءاً من المرحوم عبد العزيز حسين والمرحوم أحمد العدواني وخليفة الوقيان وسليمان العسكري وعبد العزيز السريع، وحتى أصغر موظف في المجلس الوطني، وكانوا بالطبع - أي المثقفين الجاحدين - ينحنون إجلالاً لهذه الأسماء المضيئة.

أي بمعنى آخر، إن خليفة الوقيان هو أحد صانعي الثقافة الكبار في الكويت، بالإضافة إلى أنه شاعر مبدع وباحث رصين، وأحد الأركان المهمة التي قامت عليها رابطة الأدباء في الكويت، ناهيك عن دوره الأكاديمي وتأثيره الواضح على أجيال من مثقفي وشعراء الكويت، ولعلي لا أخفي سراً - وأقولها «بلا تواضع» - أنني كنت أحفظ بعض قصائد الوقيان أكثر مما أحفظ بعض قصائدي، وهذا يدل على تأثيره العميق حتى على مُجايليه.

ومن يعرف أبا غسان على الصعيد الشخصي، ولو أن ذلك لا دخل له في تقييمه الثقافي والشعري على وجه الخصوص، إلا أنه من وجهة النظر الأدبية الصرفة، وما دام الأدب يتعلق بالأخلاق والسلوك وسائر «الآداب العامة» التي سمي باسمها، فإن خليفة الوقيان هو من أكثر أدباء الكويت أدباً وأخلاقاً وإنسانية وشفافية، التي قد لا تجدها عند بعض من يدّعون الأدب وهم أبعد ما يكونون عن الأدب والآداب، لذا «وش» يمنع خليفة من أن ينال جائزة الدولة؟!

بالله أجيبوا؟!