الحكومة اليوم، لم تقدم خطة زمنية واضحة لبناء محطات كهرباء وماء جديدة، بل لعلها لم تتخذ حتى الساعة قرارا حول من سيقوم ببنائها أصلا، وعلى الرغم من أنها تدرك أن الاستهلاك مستمر في الارتفاع بلا هوادة، فإنها تصب جهدها على زجر المواطن المسكين وتنبيهه إلى ترشيد الاستهلاك، وكأنه لب الأزمة وأساسها!
إن تعامل الحكومة مع أزمة الكهرباء والماء، يمثل نموذجا نمطيا، لتعاملها مع كل الأمور، ما نراه دائما في كل الأزمات، واليوم مع هذه الأزمة، هو أن الأزمة التقنية الفنية التي حصلت أصلا بسبب العبث واللامبالاة الإدارية، اللذين مرا دون محاسبة كالعادة، وتفاقمت بسبب انشغال القرار السياسي في عشرات الملفات الأخرى، تجري محاولة علاجها بيد من لا يملك الصلاحيات، ولا حق التصرف في الموارد اللازمة، ولا يملك لذلك تلك الخطة الزمنية الواضحة، ولأنه كذلك يتشاغل بإجراءات تتناول فروع الأزمة ولا تمس جذعها!
الحكومة اليوم، لم تقدم خطة زمنية واضحة لبناء محطات كهرباء وماء جديدة، بل لعلها لم تتخذ حتى الساعة قرارا حول من سيقوم ببنائها أصلا، وبالرغم من أنها تدرك أن الاستهلاك مستمر في الارتفاع بلا هوادة، تصب جهدها على زجر المواطن المسكين وتنبيهه إلى ترشيد الاستهلاك وكأنه لب الأزمة وأساسها!
لكن والحالة هذه، فمن المهم أن أذكر، أني لا ألوم وزير الكهرباء والماء المهندس محمد العليم على هذه الأزمة كثيراً، وذلك لأكثر من سبب. أولاً، لأنها أزمة عجوز ولم تولد في عهده. وثانياً، أن فروعها متشابكة مع الكثير من المسائل والأمور التي تخرج عن دائرة صلاحياته وسلطاته، والتي هي ضيقة أصلاً. وثالثاً، أن حلها ليس تقنياً بقدر ما هو حل سياسي، يحتاج إلى قرار حاسم يأتي من الأعلى. قرار لا يملكه العليم بطبيعة الحال. إذن فالمسؤولية ليست على عاتقه، حتى وإن كان هو الرجل الذي قَبِل طوعا، بل سعى إلى أن يحمل هذه المسئولية بقبوله للحقيبة الوزارية. هذه الأزمة هي مسئولية الحكومة بأسرها، أو بالأحرى وحتى أكون أكثر وضوحا، مسئولية رئيس الوزراء!
لذلك فإنني أؤمن بأن من الواجب أن يتم استجواب الحكومة على خلفية هذا الموضوع، وعليه فلا مفر من استجواب الوزير العليم لأنه ممثل الحكومة، والاستجواب وفق ما أفهمه ليس استهدافا شخصياً لوزير ما، وإنما ممارسة برلمانية لمحاسبة الحكومة إزاء التقصير، ولا تقصير أشد من تقصيرها في موضوع الكهرباء والماء!
لكنني أدرك بالرغم مما ذكرت بأن العليم ليس مرشحاً بحال من الأحوال للصعود إلى منصة الاستجواب، لأن الحكومة تدرك أنها قد وضعت الرجل المناسب في المكان المناسب هذه المرة على الأقل.
لو كان الوزير شخصا آخر، ربما كنا رأيناه معلقا على مقصلة منصة الاستجواب منذ زمن ولكانت سيوف القوى السياسية كلها قد اجتمعت عليه، لكن الوزير الحالي يتمتع بدرع متين. ستحميه الحكومة من خلال نوابها، وستحميه «حدس»، وستحميه الكتلة الإسلامية ومعها «النيو» إسلامية، وسيحميه الامتداد القبلي، وستبقى الحكومة لذلك في أمان من محاسبتها على عجزها عن توفير الكهرباء والماء لمواطنيها في دولة الرفاه والبترول والفوائض المليارية، وسنبقى نحن عرضة للحر والظلام والعطش!