ذئابي الوديعة والكاسرة - 3
*ذئب الشقة الوحيدة في رحلة التسكع العتيدة قد زرت صاحبين/ كلاهما مكتئبان الذئب في حديقة الحيوان/ و(الدوسري) في الشقة الوحيدة * عن ذئب الحديقة أولا مرحبا يا أمير الوحوش أحييك من قبة القلب وأقدّم نوارة من سهوب البراري إليك/ وأرثيك من لعنة الانزواء فأنت أسير الزنازين/ عبدٌ لحملقة الآخرين ولا تقبل الارتهان كباقي الوحوش/ ولا تقبل الانزواء تلوب طوال النهار بـ(مترين)/ صارا إليك جميع القفار وصارا الفضاء / وقلبي يلوب بهذي المدائن طُعنت / لُعنت أُهنت / ولكن روحي ستبقى تزمجر مثل الرياح بهذا الخلاء / ليس هذا عزاء (!!) تهبّ بكل زمان فتصخب حينا وتهدأ حينا/ ولكنها لا تدجّن مهما استبيحت/ ولا تقبل الانحناء. * عن الدوسري مسفر غراب جميل يعيش على الشعر والحب والأصدقاء فيكويه عصره/ يلويه دهره / ولكنه كعصا الخيزران/ يرفض الالتواء * عن الكلّ كلهم في البلاء سواء (مسفر) وأمير الوحوش وقلبي كائنات تُباد/ وتبدأ من حيث لا ينتهي الإبداء ابتدأت أنا ومسفر مع صوت فيروز نشق عنان السماء منذ تلك القصيدة ونغني بأعلى الصوت معها: «يا ذيب اللي بالعالي/ لونك من لون أعينهم روح بسود الليالي/ سلّم سلّم عليهم» ما زلت أنا والذئب الأسود الوحيد مسفر الدوسري نغني هذه الأغنية الرائعة و(ندبك) على إيقاعها حتى في الشارع العام في شوارع الرياض كلما التقينا. *الذئب الحجري أيا شامخا /(شابحا) في العراء لوحدك تُقعي بأعلى الجبال/ إذ تتأمل لون الفضاء وتصغي إلى الريح لما تئز/ و(تكمن) ثم (تُشمشم) ما تحمل الريح من (حَمَط الظئان) أو (عبس) الإبل أو قطرة من دماء وترفع رأسك نحو السماء/ وتطلق ذاك العواء إذا ما سمعت الثغاء بعد ذلك يا (سيد البرّ) تعدو إلى السهل، يتقادح من براثنك الصلبة الحجر المعدني، تُغير على قطعانهم، حيث يلتف الرعاة البليدون بالفراء السميكة ثم ينامون نوم السلاطين، تغنم ثم تعود منتصرا وتلوذ بأشجار أعلى الشعاب كفارس بدو قَدِم يمارس سطوته ويعود بكل إباء، أما الآن أيها الذئب الذي تقعي بصورتك الباهرة التي أحملها معي، حيثما تنقلت من بيت الى بيت (من الكويت الى الرياض ومن الرياض إلى الكويت) فإنني لن أتخلى عنك حتى لو شحبت صورتك الناصلة بالحائط، أيا أيها الذئب (الحجري) الجميل الذي لا يعرف الأهل سر علاقتنا الدائمة، فلذا أيها السيد الذئب/ هات أقصى العواء/ من الحلق حتى تسيل الدماء وفجّر نفسك حتى تتطاير أشلاؤك عبر الخلاء وثق أيها السيد الذئب: أن لا أحدا يرثي الذئب إلا أنا، وها قد وفيت بذاك الرثاء. *الذئب الوحيد ذئب وحيد في العراء / يُقعي على الحشائش الخضراء يرنو إلى دخان النفط / ذئب بلا مأوى ذئب بلا عواء / ذئب لربما ألقت به رياح الحرب إلى متاهه الفظيع/ ذئب بلا قطيع ذئب، لربما تبرأت من جنسه الصحراء(!!)