حج الخدم
الإعلان سيئ الذكر يقول نصاً «حج الخدم بـ300 دينار»، وهو إن دققنا في قراءته يقول إن الطبقة الدنيا من المسلمين، سوف نتولى وبأبخس الأسعار ملء فريضتها الشاغرة والأجر للمعازيب.
على ناحية أحد الشوارع الرئيسية وقعت عيناي على إعلان مؤذ، محتواه تسويق موسم الحج القادم، وهو على الأبواب، ولا بأس من تسويق موسم الحج، فهو أجر وثواب من ناحية، وتجارة ورواج وخلق فرص عمل من ناحية أخرى، ولكن المؤذي في المحتوى، حيث يفقد المعلن أجره وثوابه، بعد أن ينزع من مفهوم الحج بعده الإنساني، وهو الأساس في كونه فريضة واجبة على كل من استطاع إليه سبيلاً، وأعني هنا حث كل المسلمين ولو لمرة واحدة على المساواة واقتراب بعضهم من بعض. فالحج لمن استطاع إليه سبيلاً هو المساواة بين الناس كلهم في المناسك جميعها، والمساواة بينهم في اللباس، وحشرهم في التوقيت نفسه، بينما الإعلان سيئ الذكر يقول نصاً «حج الخدم بـ300 دينار»، وهو إن دققنا في قراءته يقول إن الطبقة الدنيا من المسلمين، سوف نتولى وبأبخس الأسعار ملء فريضتها الشاغرة والأجر للمعازيب.على النقيض تماما من ذلك، يصلني كتيب دعائي لا يذكر سعراً، وعلى مغلف VIP، بطباعة فاخرة، وصور للمديرين مع ملخص لمؤهلاتهم ملونة وبارزة. محتوى الإعلان يذكر جملا مثل «السفر على متن طائرة خاصة»، «التوديع والاستقبال في القاعات الخاصة»، «فندق 5 نجوم بقرب الحرم»، يرافق الحملة طاقم طبي خاص»، التنقل بين المناسك بحافلة VIP، خدمات فندقية أثناء الإقامة في المناسك. ومالم يذكر في كتيب الإعلان هو تكلفة الحاج، ولكن لن أكون مخطئة إن توقعت بأنها أكثر بكثير من 10 أضعاف تكلفة حج الخادم.إذا كان الخالق عز وجل قد فرض الحج لمن استطاع إليه سبيلاً، وليس لحاجته الى دعاء عباده، فهم يدعونه في كل مكان وزمان، ولكن لكي يعيد كل الناس إلى كل الناس، لكي يعيش كل مسلم على قدم المساواة ولو لمرة واحدة في العمر ولفترة وجيزة بعد اختصار زمن المسافة، إلا أن الإنسان الجشع ألغى الأساس من الفريضة من أجل المال. ويبدو أن أصحاب الحملات، التي تحول بعضها إلى شركات مدرجة مطالبة بتحقيق أرباح عالية والإعلان عنها كل ربع سنة، بحاجة إلى هيئات شرعية متنورة ومحايدة تلزمها بالحفاظ على نقاء الفرائض.